للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلةُ أصحابِ القولِ الثاني: استدلَّ أصحابُ القولِ الثاني بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: أنَّ الأئمةَ المجتهدين مِن الصحابةِ - رضي الله عنهم - والتابعين ومَنْ بعدهم، حازوا رتبةَ الاجتهادِ، مع عدمِ معرفتِهم بعلمِ الكلامِ (١).

ويمكن مناقشة الدليل الأول: بأن ما ذكروه دالٌّ على عدمِ اشتراطِ علمِ الكلامِ مطلقًا، وليس فيه اشتراطُ قدرٍ منه للدخولِ في الإسلامِ.

الدليل الثاني: أنَّ المجتهدَ يمكنُه استنباطُ أحكامِ الحوادثِ مِن الأدلةِ الشرعيةِ مع جهلِه بعلمِ الكلامِ (٢).

ويمكن مناقشة الدليل الثاني: بما نوقش به الدليل الأول.

دليل أصحاب القول الثالث: ما تقدم من أدلةٍ لأصحاب القول الثاني صالحٌ لأنْ يستدلَ به أصحابُ القولِ الثالثِ.

• الموازنة والترجيح:

بتأمّلِ المسألةِ بأقوالِها وأدلتِها، يظهرُ لي رجحانُ القولِ الثالثِ القائلِ: إنَّ معرفةَ علمِ الكلامِ ليستْ بشرطٍ مِنْ شروطِ الاجتهادِ، وذلك للأسبابِ الآتية:

الأول: انتفاءُ الدليلِ المشترِطِ معرفة علمِ الكلامِ لبلوغِ رتبةِ الاجتهادِ.

الثاني: أنَّ بعضَ الأئمةِ المجتهدين المتفق على اجتهادهم، قد حذَّروا مِنْ علمِ الكلامِ، ومِنْ ذلك: قولُ الإمامِ الشافعي: "حُكمي في أهلِ الكلامِ


(١) انظر: التلخيص في أصول الفقه للجويني (٣/ ٤٦١)، والمستصفى (٢/ ٣٨٦).
(٢) انظر: المحصول في علم أصول الفقه للرازي (٦/ ٢٥)، ونهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٨٣٠)، والإبهاج في شرح المنهاج (٧/ ٢٩٠١)، ونهاية السول (٤/ ٥٥٣)، وشرح الكوكب الساطع للسيوطي (٤/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>