للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناسَ عن تعلّمِه وتعليمه؛ فكيفَ يُقالُ باشتراطِه لبلوغِ رتبةِ الاجتهادِ؟ ! (١).

مناقشة الدليل الثاني: أنَّ المنطقَ الذي حذَّر منه علماءُ الإسلام، هو المنطقُ المشوبُ بعقائدَ فاسدةٍ؛ فيكونُ تعلّمُه مدعاةً للوقوعِ في تلك العقائد، أمَّا المنطقُ السالمُ مِنْ هذه العقائدِ، فلا يقعُ عليه تحذيرُ علماءِ المسلمين، إذا كان متعلمُه ذا إدراكٍ جيّدٍ، وعقيدةٍ راسخةٍ (٢).

الدليل الثالث: أنَّ علمَ أصولِ الفقهِ يُغني عن علمِ المنطقِ؛ لأنَّه يُعنى بطرقِ الاستنباطِ مِن الأدلةِ، وسلامتِها ممَّا يقدحُ فيها (٣).

دليل أصحاب القول الثاني: يتعيّنُ على المجتهدِ أنْ يتعلّمَ مِنْ علمِ المنطقِ ما يعلمُ بهْ كيفيةَ النظرِ الصحيحِ - فيعلم شروطَ الحدِّ والبرهان والأدلة المنتجة - ليأمنَ الخطأَ في نظرِه، ويكونَ على بصيرةٍ.

ولمزيدِ البيانِ: فإنَّ التصوراتِ (٤) تُضْبَطُ بالحدودِ، فمَنْ علمَ ضابطَ شيءٍ، فهو مستضيءٌ به، فأيّ محلٍّ صَدَقَ الضابطُ عليه، قَضَى بأنَّه تلك الحقيقة، وما لا يصدقُ عليه ذلك الضابطُ، قَضَى بأنَّه مغايرٌ لتلك الحقيقةِ، فمَنْ لا يعرفُ صحةَ الضابطِ مَنْ سُقْمِه، فلن يَعرفَ كيفَ يستضيءُ به.

وكذلك فيما يتعلقُ بالبراهينِ؛ يحتاجُ المجتهدُ إلى معرفةِ شروطِها؛ لأنَّه لا بُدَّ له مِنْ دليلٍ يدلُّه على الحُكمِ، والدليلُ له شروطٌ محررةٌ في علمِ


(١) انظر: تيسير الاجتهاد (ص/ ٤١).
(٢) انظر: آداب البحث والمناظرة للشنقيطي (ص/ ٦)، والتعليم والإرشاد لمحمد النعساني (ص/ ٤١).
(٣) انظر: تيسير الاجتهاد للسيوطي (ص/ ٤١).
(٤) التصورات: جمع تصور، والتصور عند المناطقة: إدراك الماهية مِنْ غيرِ حكم عليها. أو هو: إدراك معنى المفرد (إدراك خالي عن الحكم). انظر: التذهيب للخبيصي (ص/ ٢٩)، وتحرير القواعد المنطقية لقطب الدين الرازي (ص/ ٧)، ولقطة العجلان وبلة الظمآن للزركشي (ص/ ٩٢)، والتعريفات للجرجاني (ص/ ١٢٣)، والتوقيف على مهمات التعريف للمناوي (ص/ ١٨٠)، وشرح الكوكب المنير (١/ ٥٨)، وضوابط المعرفة لعبد الرحمن الميداني (ص/ ١٨)، وطرق الاستدلال ومقدماتها للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>