للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعلَّ البعدَ الذي أشارَ إليه ابنُ حمدان، مِنْ جهةِ ما يشهدُ به الواقعُ العلميُّ مِنْ أنَّ نيلَ رتبةِ الاجتهادِ بالتدرجِ في الفقهِ.

ويقولُ الشيخُ محمد الخضر حسين: "التحقيق أنَّ معرفةَ المذاهب، ودَرْسَ أحكامِ الفقهِ مربوطةٌ بأصولِها، ممَّا يخطو بالعالمِ في سبيلِ الاجتهَادِ خطوات سريعة، لولا دراسةُ الفقهِ على هذا الوجهِ، لأنْفَقَ في بلوغِها مجهودًا كبيرًا، وزمنًا طويلًا" (١).

• نوع الخلاف:

يظهرُ لي أنَّ الخلاف ليس له أثرٌ في الواقعِ العلمي؛ إذ يبعدُ أنْ يبلغَ العالمُ رتبةَ الاجتهادِ، دونَ أنْ يَسْبِقَ ذلك معرفةٌ بالفروعِ الفقهيةِ.

فالقائلون بعدمِ اشتراطِ معرفةِ الفروعِ، كالمقرّينَ بأنَّ ممارسةَ الفقهِ أمرٌ لا بُدَّ منه للوصولِ إلى رتبةِ الاجتهادِ.

• سبب الخلاف:

يحتمل أنَّ سببَ الخلافِ في مسألة: (اشتراط معرفة الفروع الفقهية لبلوغ رتبة الاجتهاد)، عائدٌ إلى لزومِ الدّورِ.

فمَنْ رأى لزومَ الدورِ مِن القولِ باشتراطِ معرفةِ الفروعِ الفقهيةِ، مَنَعَ الاشتراط، وهذا ما ذَهَبَ إليه أصحابُ القولِ الأولِ.

ومَنْ لم يرَ لزوم الدور مِن القولِ باشتراطِ معرفةِ الفروعِ الفقهيةِ، اشترط معرفتها، وهذا ما ذَهَبَ إليه أصحابُ القولِ الثاني.

وفي ختامِ الحديثِ عن شروطِ المجتهدِ، أرى مِن المناسبِ سوق كلامٍ موجزٍ للشيخِ محمد الطاهر ابنِ عاشور، يتضمّنُ خلاصةً مفيدةً في بابِها، يقولُ: "مرجعُ هذه الشرائطِ إلى أربعةِ أشياء:

الأول: الإدراكُ، وإليه يرجعُ البلوغُ والعقلُ.


(١) رسائل الإصلاح (٢/ ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>