في الحقيقةِ لم أقفْ على مَنْ تكلَّم عن هذه المسألةِ على وجهِ الخصوصِ - فيما رجعتُ إليه مِنْ مصادر - ولا يظهرُ لي مانعٌ مِنْ نسبةِ القولِ إلى الإمامِ في هذه الحالةِ، إذا كان التلميذُ عدلًا، ولا سيما أنَّ علماءَ المذهبِ الحنبلي - ولهم قَصَبُ السبقِ في الحديثِ عنْ مسألةِ:(صحةِ نسبةِ القولِ إلى الإمامِ في ضوءِ ما نقله التلاميذُ) - لم يشترطوا في التلميذِ الناقلِ قول إمامِهم أنْ يوافقَه غيرُه في نقلِه.
ويمكنُ أنْ يستدلَّ على ذلك: بأنَّ قولَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يثبتُ بنقلِ الواحدِ إذا كانَ الناقلُ عدلًا، وإذا ثَبَتَ قولُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو أجلُّ قدرًا مِنْ غيرِه؛ فمِنْ بابٍ أولى أنْ يثبتَ قولُ الإمامِ بنقلِ الواحدِ عنه.
الحالة الثانية: أنْ يختلفَ تلاميذُ الإمامِ في النقلِ عنه.
إذا نَقَلَ التلاميذُ قولَ إمامِهم، ولم يتفقوا في نقلِهم عنه، بل اختلفوا فيه، فالأمرُ في هذه الحالةِ لا يخلو مِنْ صورتين:
الصورة الأولى: أنْ يختلفَ التلاميذُ في النقلِ عن الإمامِ، وليس أحدُهم منفردًا بالاختلافِ.
الصورة الثانية: أنْ يختلفَ التلاميذُ في النقلِ عن الأمامِ بانفرادِ أحدِهم بالاختلافِ.
الصورة الأولى: أنْ يختلفَ التلاميذُ في النقلِ عن الإمامِ، وليس أحدُهم منفردًا بالاختلافِ.
إذا نَقَلَ التلاميذُ قولًا لإمامِهم، واختلفوا فيه، دونَ أنْ ينفردَ أحدُهم بالمخالفةِ، فمذهبُ الإمامِ لا يخرجُ عنْ نقلِهم.
ويبقى النظرُ في الترجيحِ بين تلك الأقوالِ؛ ليُنْسَبَ إلى الإمام واحدٌ منها (١)، وستأتي مسالةُ:(الترجيح بين أقوال الإمام) في مطلبٍ مستقلٍّ.
(١) انظر: تحرير المقال للدكتور عياض السلمي (ص/ ٢٠)، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٢٠٤).