للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمَنْ رأى أنَّ إجابةَ الإمامِ بقولِ فقيهٍ، واقتصاره عليه، قرينةٌ ترجحُ جانبَ الموافقةِ، ذَهَبَ إلى صحةِ نسبةِ القولِ إلى الإمامِ، وهذا ما سارَ عليه أربابُ القولِ الأولِ.

ومَنْ رأى أن إجابةَ الإمامِ بقولِ فقيهٍ، واقتصاره عليه، ليس بقرينةٍ، لم يُرجّحْ جانبَ الموافقةِ، وقال بعدمِ صحةِ نسبةِ قولِ الفقيهِ إلى الإمامِ، وهذا ما سارَ عليه أربابُ القولِ الثاني.

القسم الثاني: حكايةُ التلاميذِ رأيَ إمامِهم.

إذا أخبرَ التلميذُ برأي إمامِه، وحكاه عنه لا بنصِّه، ولكن بمعناه، فهل تُعَدُّ هذه الحكاية بمنزلةِ قولِ الإمامِ نفسِه؟

اختلفَ العلماءُ في هذه المسألةِ على قولين:

القول الأول: أن حكايةَ التلميذِ مقبولة، وتكون كنصِّ الإمامِ، وينسبُ القولُ إليه.

هذا القولُ وجهٌ عند الحنابلةِ (١). واختاره جمعٌ مِنْ أهلِ العلم، منهم: ابنُ حامدٍ (٢)، وابنُ مفلحٍ (٣). وهو قياسُ قولِ أبي القاسم الخرقي (٤).


(١) انظر: صفة الفتوى (ص/ ٩٦)، والإنصاف (١٢/ ٢٥٤).
(٢) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٠٢).
(٣) انظر: الفروع (١/ ٤٧).
(٤) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٠٨)، وصفة الفتوى (ص/ ٩٦)، والإنصاف (١٢/ ٢٥٥).
وأبو القاسم الخرقي هو: عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقي، أبو القاسم، ولد ببغداد، أحد أعيان الحنابلة في وقته، كان بارعًا في الفقه، ذا دين وورع، صنف تصانيف عدة، واحترقت ما عدا مختصره الفقهي المشهور، وقد أخذ العلمَ عن أبي بكر المروذي، وحرب الكرماني، وصالح وعبد الله ابني الإمام أحمد، من مؤلفاته: المختصر في الفقه، توفي سنة ٣٣٤ هـ بسبب أنه أنكر منكرًا بدمشق، فضُرِب، فكان موته بذلك. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (١٣/ ٨٧)، وطبقات الفقهاء للشيرازي (ص/ ١٦١)، والأنساب للسمعاني (٥/ ٩٧)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (٣/ ٤٤١)، وسير أعلام النبلاء (١٥/ ٣٦٣)، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (٣/ ١٤٧)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (٢/ ٢٩٨)، والمنهج الأحمد للعليمي (٢/ ٢٦٦)، والدر المنضد له (١/ ١٧٥)، وشذرات الذهب لابن العماد (٢/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>