للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنْ جوابِه بقولِ الفقيه، ونحنُ لا ننكرُ أنَّ ما حكاه عن غيرِه قد ينتقلُ عنه إلى قولٍ آخر، فإذا وُجِدَت حكايةٌ خالفَها قولٌ، صرنا إلى القولِ (١).

الدليل الثاني: إذا أجابَ الإمامُ بأنَّ الناسَ اختلفوا في المسألةِ، فمِنْ غيِر الممكنِ جعل الاختلافِ قولَه، فكذلك إذا أجابَ بقولِ فقيهٍ، لا نجعلُ الجوابَ قولَه (٢).

مناقشة الدليل الثاني: هناك فرقٌ بين إجابةِ الإمام باختلافِ الناسِ، وإجابتِه بقولِ فقيهٍ؛ لأنَّ في إجابتِه باختلافِ الناسِ دليلًا على توقّفِه وعدم جزمِه برأي محددٍ، بخلافِ إجابتِه بقولِ فقيهٍ واحدٍ؛ إذ في اقتصارِه عليه دليلٌ على جزمِه بالقولِ (٣).

• الموازنة والترجيح:

مِنْ خلالِ تأمّلِ القولين، وما استدلا به، يظهرُ لي رجحانُ القولِ الأولِ القائلِ بنسبةِ القولِ إلى الإمامِ إذا أجابَ بقولِ فقيهٍ، وذلك للآتي:

أولًا: الأصلُ نسبةُ الأقوال التي تصدرُ عنْ إمامِ المذهبِ إليه، وحينَ يذكرُ الإمامُ رأيَ فقيهٍ، فالظاهرُ رجحانُه عنده.

ثانيًا: جاءَ عن الأئمةِ نهيُهم عن التقليدِ، والأخذِ برأي الرجالِ، فلو حملنا ما يذكرُه الإمامُ في إجابته بقولِ الفقيهِ على عدمِ اختيارِه، لارتكبَ ما نهى الناسَ عنه، فيتعيّنُ حملُه على أنَّه اختارَ هذا القولَ.

• سبب الخلاف:

يظهرُ أنَّ الخلافَ عائدٌ إلى ترجّح احتمالِ موافقةِ الإمام لقولِ الفقيهِ مِنْ عدمِها:


(١) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٥٣٠ - ٥٣٣).
(٢) انظر: المصدر السابق (١/ ٥٢٦ - ٥٢٧).
(٣) انظر: المصدر السابق (١/ ٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>