للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: الاحتمالاتُ المتعددةُ للسكوتِ، والتي يصعبُ معها الجزمُ بأرجحيةِ احتمالِ الرِّضا والموافقةِ على بقيةِ الاحتمالاتِ.

الثاني: أنَّ السكوتَ المجرَّدَ لا يدل على شيءِ، ومِن القواعدِ المقررةِ أنَّه لا ينسبُ لساكتِ قولٌ (١).

الثالث: قد تكونُ المسالةُ التي سَكَتَ إمامُ المذهب عنها مسألةً اجتهاديةً، والمسائلُ الاجتهاديةِ يَعذِرُ فيها إمامُ المذهب مخالفَه؛ فلا يُنكرُ عليه.

* سبب الخلاف:

مِنْ خلالِ تأمّلِ المسألة يظهرُ لي أنَّ الخلافَ عائدٌ إلى أحدِ السببين الآتيين:

السبب الأول: قياسُ إمامِ المذهبِ على النبي - صلى الله عليه وسلم - في جعلِ سكوتِه دليلًا على الموافقةِ.

فمَنْ مَنَعَ من القياسِ لم يجعل السكوتَ دالًا على الموافقةِ، وهذا ما سارَ عليه أصحابُ القولِ الأولِ.

ومَنْ ألحقَ إمامَ المذهبِ بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، جَعَلَ السكوتَ دليلًا على الموافقةِ، وهذا ما سارَ عليه أصحابُ القولِ الثاني.

السبب الثاني: ترجيحُ احتمالِ الموافقةِ على غيرِه من الاحتمالاتِ في حال سكوتِ إمامِ المذهبِ.

فمَنْ لم يرجِّح احتمالَ الموافقةِ على غيرِه مِن الاحتمالاتِ، لم يجعل السكوتَ دالًا على الموافقةِ، وهذا ما سارَ عليه أصحابُ القولِ الأولِ.


(١) انظر قاعدة: (لا ينسب لساكت قولٌ) في: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول للإسنوي (ص/ ٤٥١)، والمنثور في القواعد للزركشي (٢/ ٢٠٦)، والأشباه والنظائر للسيوطي (١/ ٣١٩)، والأشاه والنظائر لابن نجيم (ص/ ١٥٤)، وشرح المجلة للأتاسي (١/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>