للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنَّه يثبتُ في حقِّ ورثتِه (١).

مناقشة الدليل الأول: تقدمَ لنا تفسيرُ معنى الوراثةِ المذكورةِ في الحديثِ، وهناك فرقٌ بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبقيةِ الناسِ، فالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - معصومٌ عن الخطأِ، ولا يُقَرُّ عليه، بخلافِ غيرِه.

الدليل الثاني: دَأَبَ الأئمةُ على إنكارِ المنكرِ إذا رَأَوه، وعلى إنكارٍ القولِ الفاسدِ إذا سمعوا به، وإذا ثبتتْ مبادرتُهم بالإنكارِ، وَجَبَ أنْ يكون سكوتُهم دليلًا على الموافقةِ والرِّضا (٢).

مناقشة الدليل الثاني: قد يسكتُ الإمامُ عمَّا يراه، مع عدمِ الرِّضا والموافقةِ، إمَّا لأنَّ سكوتَه لعارضِ اقتضى السكوت، وإمَّا أن غيرَه قد كفاه، وإمَّا لأنَّه لم يتبيّنْ له رأيٌ فيما رآه أو سمعه، وإمَّا لسببٍ خفي لم نطلعْ عليه، فدلالةُ السكوتِ على الموافقةِ احتمالٌ، ليس له ما يرجّحُه (٣).

* الموازنة والترجيح:

مِنْ خلالِ النظرِ في القولين، وما استدلوا به، يظهرُ لي رجحانُ القولِ الأولِ القائلِ بأنَّ السكوتَ ليس بطريقِ لإثباتِ قولِ الإمامِ في الصورتين:

الصورة الأولى: أنْ يُفعلَ أمرٌ عند إمامِ المذهب، ويسكتَ عن إنكارِه، فهلْ يُعَدُّ سكوتُه إقرارًا منه على جوازِ الفعلِ؟

والصورة الثانية: أنْ يفتي إمامُ المذهب بحُكمِ، ثم يعترض عليه معترضٌ، فيسكت الإمامُ عن الجوابِ، فهلْ يُعَدُّ سكوتُه رجوعًا عنْ قولِه؟

وذلك للأسبابِ الآتيةِ:


(١) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٢٧)، والموافقات (٥/ ٢٦٥ - ٢٦٦)، ونظرية التخريج للدكتور نوار بن الشلي (ص/ ١٣٦).
(٢) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٢٧)، والموافقات (٥/ ٢٦٦).
(٣) انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٢٣٥)، والمدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد (١/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>