للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ تاجُ الدّينِ بنِ السبكي: "إذا نُقِلَ عن مجتهدٍ واحدٍ في مسألةٍ واحدةٍ، قولان، ولم يُعقبْ بما يشعرُ بترجيحِ أحدِهما: فيدلُّ على توقّفِه في المسألةِ؛ لعدمِ ترجيحِ دليلِ أحدِ الحُكمين في نظرِه" (١).

مثال ذلك: قولُ الإمامِ الشافعي: "فإنْ خَطَبَ - أي: الجمعة - بأربعين، ثمَّ كبَّر بهم، ثمَّ انفضوا مِنْ حوله: ففيها قولان ... ". (٢).

رابعًا: إعراضُ الإمامِ عن المسألةِ، بقولِه مثلًا: دعها، أو: لا أعرفُها، أو: لا أدري، أو: ما سمعتُ (٣)، أو: لا أقولُ فيها شيئًا (٤).

يقولُ ابنُ حامدٍ تحتَ باب: (البيان عن مذهبِه إذا صَدَرَ منه الجوابُ بأنْ يَدَعَ عنه السؤال): "ظاهرُ جوابِه بهذا يُؤْذِنُ بأنَّه متوقفٌ عن القطعِ في الحالِ" (٥). وقال أيضًا: "إذا صَدَرَ الجوابُ مِنْ أبي عبدِ الله بـ: ما سمعتُ، ولا أعرفُ، فذلك لا يكسبُ قطعًا بتحريمٍ ولا تحليلٍ، بلْ يقتضي ذلك الوقف لا غير" (٦).

ويقولُ ابنُ عابدين: "توقّف فيه - أيْ: فيما لو حَلَفَ لا يكلمه دهرًا، هل هو للأبد؟ - أبو حنيفةَ، وقال: لا أدريْ ما هو" (٧).

أمثلة ذلك:

المثال الأول: سأل إسحاقُ بن منصور الإمامَ أحمدَ بن حنبل عن الصبي إذا أمَّ قبلَ أنْ يحتلمَ؟ فقالَ: "دعْها" (٨).


(١) الإبهاج في شرح المنهاج (٧/ ٢٧٠٥) بتصرف.
(٢) الأم (٢/ ٣٨٠).
(٣) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٥٠٤، ٥٧٣)، و (٢/ ٦٧٤، ٦٩٤، ٧٠٥، ٧٢٨)، وشرح العمدة لابن تيمية، كتاب الطهارة (ص/ ٤٥٦)، والإنصاف (٢/ ١٧٧).
(٤) انظر: المغني لابن قدامة (١٤/ ٥٨٩).
(٥) تهذيب الأجوبة (١/ ٥٧٤).
(٦) المصدر السابق (٢/ ٦٧٤) بتصرف يسير.
(٧) رد المحتار على الدر المختار (١١/ ٥١٤).
(٨) مسائل الإمام أحمد وإسحاق برواية إسحاق بن منصور (١/ ٧٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>