للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونصَّ فيمَنْ كَتَبَ وصيتَه، وقال: اشهدوا عليَّ بما فيها، أنَّهم لا يشهدون، إِلَّا أنْ يسمعوها منه، أو تُقْرَأَ عليه، فيُقرُّ بها (١).

ذَهَبَ بعضُ الحنابلةِ إِلى النقلِ والتخريجِ بين المسألتين، فجعلوا للإِمامِ أحمدَ في كلتا المسألتين قولين: أحدهما بالنصِّ، والآخر بالنقلِ والتخريجِ (٢).

ومِنْ علماءِ الحنابلةِ مَنْ فرَّق بين المسألتين، يقولُ تقيُّ الدين بنُ تيميةَ - كما نقله عنه ابنُ القيّمِ -: "الفرقُ: أنَّه إِذا كتَبَ وصيتَه، وقال: اشهدوا عليَّ بما فيها، فإِنَّهم لا يشهدون؛ لجوازِ أنْ يزيدَ في الوصيةِ وينقصَ ويغيّرَ، وأمَّا إِذا كَتَبَ وصيتَه، ثُمَّ مات، وعُرفَ خطُّه، فإِنَّه يشهدُ به؛ لزوالِ هذا المحذورِ" (٣).

المثال الرابع: نصَّ الإِمامُ الشَّافعي على بيعِ مسكنِ المفلسِ وخادمِه، وإِنْ كان محتاجًا إِلى مَنْ يخدمُه؛ لكبرِه، أو لمنصبِه، ونصَّ في الكفارةِ المرتبة على أنَّه يعدلُ إِلى الصيامِ، وإِنْ كان له مسكنٌ وخادمٌ، ولا يلزم صرفُهما إِلى الإِعتاقِ (٤).

ذَهَبَ بعضُ علماءِ الشافعيةِ إِلى أنَّ للإِمامِ الشَّافعي في كلتا المسألتين قولين: أحدهما بالنصِّ، والثاني بالنقلِ والتخريجِ (٥).

وفرَّق آخرون بين المسألتين من وجهين:

الوجه الأول: أنَّ الكفارةَ لها بدلٌ، بخلافِ الحقِّ الثابتِ على المفلسِ.


(١) انظر: مسائل الإِمام أحمد رواية أبي داود (ص/ ٢٨٧).
(٢) انظر: المحرر في الفقه للمجد (١/ ٣٧٦)، والمغني لابن قدامة (٨/ ٤٧١).
(٣) الطرق الحكمية (٢/ ٥٤٩).
(٤) انظر: روضة الطالبين للنووي (٤/ ١٤٥)، و (٨/ ١٤٥).
(٥) انظر: المصدر السابق، والقواعد للحصني (٣/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>