للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الوضوءِ حدثٌ حادثٌ - وهو الدم الَّذي سال منها - وهي لم تتطهرْ للحدثِ الحادثِ؛ لأنَّ الطهارةَ لا تسبقُ الحدثَ، وإِنَّما تطهّرتْ للحدثِ السابق، والحدثُ المقارِنُ بحالِه وهو الحدثُ اللاحق، فإِذا استيقنتْ في حال الصلاةِ الشفاءَ مِنْ تلك العلةِ، والتمكن مِن الطهارةِ، لزمها الاستئنافُ" (١).

المثال الثاني: نصَّ الإِمامُ أحمدُ بنُ حنبل على إِعادةِ صلاةِ مَنْ صلَّى في ثوبٍ نجسٍ؛ لعدمِ وجودِ غيرِه، ونصَّ على عدمِ إِعادةِ صلاةِ مَن صلَّى في موضعٍ نجسٍ، لا يمكنه الخروج منه (٢).

جَعَلَ بعضُ الحنابلةِ للإِمامِ أحمدَ قولين في كلتا المسألتين: قولًا بالنصِّ، والقول الآخر بالنقلِ والتخريجِ (٣).

فالقولُ الأولُ المنصوصُ في مسألةِ: (الصلاةِ في الثوبِ النجسِ) الإِعادةُ، والقولُ الثاني: عدمُ إِعادةِ الصلاةِ؛ بالنقلِ والتخريجِ.

والقولُ الأولُ المنصوصُ في مسألةِ: (الصلاةِ في الموضعِ النجسِ) عدمُ الإِعادةِ، والقول الثاني: إِعادةُ الصلاةِ؛ بالنقلِ والتخريجِ.

في حين فرَّقَ بعضُ علماءِ الحنابلةِ بين المسألتين؛ مِنْ جهةِ أنَّ المصلي لا يقدرُ على مفارقةِ المكانِ والخروجِ منه، بخلافِ الثوبِ، فبإِمكانِه تركُه، والصلاةُ عُريانًا (٤).

المثال الثالث: سُئل الإِمام أحمد بن حنبل عن الرجلِ يموت، وتُوْجَدُ له وصيةٌ تحتَ رأسِه، مِنْ غيرِ أنْ يكونَ أشهدَ عليها، هل يجوزُ إِنفاذ ما فيها؟ قالَ: "إِنْ كان عَرَفَ خطَّه، وكان مشهورَ الخطِّ: فإِنَّه ينفذ ما فيها" (٥).


(١) الجمع والفرق (١/ ١٧٥) بتصرف يسير.
(٢) انظر: الإِنصاف (١/ ٤٦٠).
(٣) انظر: المصدر السابق.
(٤) انظر: حاشية ابن قندس على الفروع (٢/ ٥١).
(٥) انظر: المغني لابن قدامة (٨/ ٤٧٠)، ومطالب أولي النهى للرحيباني (٤/ ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>