للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليكون له في كلتا المسألتين قولانِ: أحدهما بالنصِّ، والثاني بالنقلِ والتخريجِ؟ (١).

ويحسنُ قبلَ عرضِ المسألةِ ذكرُ بعضِ الأمثلةِ للنقلِ والتخريجِ:

المثال الأول: نصَّ الإِمامُ الشَّافعي على أنَّ المتيممَ إِذا وَجَدَ الماءَ أَثْنَاءَ صلاتِه، فإِنَّه يبني عليها، وأنَّ المستحاضةَ إِذا انقطع دمُها أَثْنَاءَ الصلاةِ، لم يجزْ لها البناءُ.

اتجه بعضُ الشافعيةِ إِلى النقلِ والتخريجِ بين المسألتين، فأصبحَ للإِمامِ الشَّافعي في كلِّ مسألةٍ قولان: أحدهما بالنصِّ، والآخر بالنقلِ والتخريجِ (٢).

فالقولُ الأولُ المنصوصُ في مسألةِ: (التيممِ): هو البناءُ، والقولُ الثاني: عدمُ البناءِ في الصلاةِ؛ بالنقلِ والتخريجِ.

والقولُ الأولُ المنصوصُ في مسألةِ: (المستحاضةِ): عدمُ البناءِ، والقولُ الثاني: البناءُ في الصلاةِ؛ بالنقلِ والتخريجِ.

في حين فرّقَ بعضُ الشافعيةِ بين المسألتينِ، يقولُ أبو محمدٍ الجويني (٣): "والفرقُ بينهما: أنَّ الحدثَ الَّذي تيممُّ له المتيممُ، ما زادَ، وما تجدّدَ، ولكنَّه مستدامٌ على صفتِه الأُولى؛ أمَّا المستحاضةُ فقد تجددَ عليها


(١) انظر: المعتمد (٢/ ٨٦٣)، والتبصرة (ص / ٥١٦)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٣٦٨)، وفرائد الفوائد للسلمي (ص/ ١٠٥).
(٢) انظر: الجمع والفرق للجويني (١/ ١٧٤)، والمجموع شرح المهذب للنووي (٢/ ٣١١، ٥٣٩).
(٣) هو: عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه الجويني الطائي، أبو محمد، كان شيخ الشافعية في وقته، فقيهًا مدققا، إِمامًا في التفسير والأصول والنحو والعربية والأدب، زاهدًا فاضلًا، متحليًا بالخصال الحميدة، مجتهدًا في العبادة، صاحب جد ووقار وسكينة، تصدر للإِفتاء والإِفادة، من مؤلفاته: الجمع الفرق، وشرح الرسالة، والتذكرة، والمحيط، توفي سنة ٤٣٨ هـ. انظر ترجمته في: تبيين كذب المفتري لابن عساكر (ص/ ٢٥٧)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (٣/ ٤٧)، وسير أعلام النُّبَلاء (١٧/ ٦١٧)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (٥/ ٧٣)، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (ص/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>