للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناقشة دليل أصحاب القول الثالث: أنَّ مؤدى هذا القولِ هو المنعُ مِن النقلِ والتخريجِ في حالةِ معرفةِ التاريخِ، والقرب الزمني بين الجوابين، وجوازُ نقلِ حكم الثانيةِ إِلى الأُولى في حالةِ البُعدِ الزمني بين الجوابين؛ ويُشكلُ عليه: أنَّ حقيقةَ النقلِ في هذه الحالةِ إِلغاءُ قولِ الإِمامِ المنصوصِ عليه في جوابِه الأولِ، بالقياسِ على جوابِه في المسألةِ الثانيةِ، ولا يجوزُ إِلغاءُ النصِّ بالقياسِ (١).

• الموازنة والترجيح:

مِنْ خلالِ النظرِ والتأمّلِ في الأقوالِ وأدلتِها، وما وَرَدَ على بعضِها مِن مناقشات، يظهرُ لي رجحانُ القولِ الأولِ المانع مِنْ نسبةِ القولِ إِلى الإِمامِ بناءً على النقلِ والتخريجِ، وذلك للأسبابِ الآتية:

الأول: أنَّ اختلافَ جواب الإِمامِ بين المسألتين، قرينةٌ دالةٌ على وجودِ فرقٍ مؤثرٍ بينهما، مَنَعَ التسَويةَ بينهما في الحكمِ.

الثاني: لو دققنا النظرَ في كثيرٍ مِن المسائلِ الَّتي ادُّعِيَ فيها انتفاءُ الفارقِ المؤثّرِ بين المسألتين، وقيلَ بالنقلِ والتخريجِ بينهما، لوجدنا أنَّ التفريقَ بين المسألتين في الحكمِ أنسبُ مِن التسويةِ بينهما.

يقولُ صدرُ الدّينِ السلمي: "تجدُ في عامّة هذه المسائل - الَّتي قيل فيها بالنقلِ والتخريجِ - الصحيح فيها تقرير النصين، والفرْق" (٢).

الثالث: أنَّ في النقلِ والتخريجِ تقويلًا للإِمامِ بما يخالف نصَّه.

الرابع: ليس لمنْ قالَ بنسبةِ القولِ إِلى الإِمامِ بناءً على النقلِ والتخريجِ دليلٌ ينهضُ به؛ إِذ وَرَدَ على أدلتِهم مناقشاتٌ تُضعفها.


(١) انظر: تحرير المقال للدكتور عياض السلمي (ص/ ٦٨)، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٢٧٩).
(٢) فرائد الفوائد (ص/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>