للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثالث: لو قال إِمامُ المذهبِ: الشفعةُ لجارِ الدارِ، لوجبتْ لجارِ الدكانِ؛ لأنَّه لا فرقَ بينهما، وحقيقةُ الأمر، نقلُ حكمِ مسألةٍ إِلى نظيرتِها، وكذلك فيما إِذا نصَّ الإِمامُ على حكمين مختلفين في مسألتين متشابهتين، فننقل حكمَ كلِّ واحدةٍ منهما إِلى الأخرى (١).

مناقشة الدليل الثالث، نوقش الدليل من وجهين:

الوجه الأول: ليس قولُ الإِمام: الشفعةُ لجارِ الدارِ، نظيرًا لمسألتنا؛ لأنَّ حكمَ الدكانِ مسكوتٌ عنه، ونظيرُ مسألتنا أنْ يقولَ الإِمامُ: الشفعةُ لجارِ الدارِ، ويقولَ في موطنٍ آخر: لا شفعةَ لجارِ الدكانِ.

وفي هذا المقام لا يُنقلُ قولُ الإِمامِ في كلِّ مسألةٍ إِلى الأخرى (٢).

الوجه الثاني: أنَّنا ألحقنا جارَ الدكانِ بجارِ الدارِ؛ لأنَّهما بمعنى واحد، ويسوغُ النقلُ والتخريجُ فيما كان هذا شأنُه مِن المسائل؛ لأنَّه لا يمكنُ الفصلُ بينها (٣).

دليل أصحاب القول الثالث: أنَّنا نمنعُ النقلَ والتخريجَ بين المسألتينِ المتشابهتينِ اللتينِ اختلفَ قولُ الإِمامِ فيهما في حالةِ قرب الزمنِ بينهما؛ لأنَّ الظنَّ بالإِمام أنَّه ذاكرٌ لقولِه الأولِ حين أفتى في المسَألةِ الثانيةِ، وأنَّه لم يفرِّقْ بين المسَألتين في الحكمِ إِلَّا لفرقٍ مؤثرٍ بينهما (٤).

وأمَّا في حالةِ البُعدِ الزمني بين قولي الإِمامِ في المسألتينِ: فمِن المحتملِ استواء المسألتينِ عنده، ولذا ننقل حكمَ المسألةِ الثانيةِ إِلى المسألةِ الأُولى، دون العكسِ، إِلَّا على القولِ بجوازِ نسبةِ قولين إِلى الإِمامِ في مسألةِ واحدةٍ، مع معرفةِ التاريخِ (٥).


(١) انظر: التمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٣٧٠).
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) انظر: شرح اللمع (٢/ ١٠٨٣).
(٤) انظر: صفة الفتوى (ص/ ٨٨ - ٨٩).
(٥) انظر: المصدر السابق، وتحرير المقال للدكتور عياض السلمي (ص/ ٦٦)، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>