للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناقشة الدليل الأول: إِنَّ تشابه المسألتينِ وتقاربَ معناهما، وكونَهما مِنْ جنسٍ واحدِ، لا يُوْجِبُ أنْ يكونَ جوابُ الإِمامِ في إِحداهما جوابًا له في الأخرى؛ إِذ ليس كلُّ ما ثَبَتَ في مسألةٍ مِنْ مسائلِ الصلاةِ - وهي جنسٌ واحدٌ - ينقل إِلى بقيةِ مسائلِها، فلا يصحُّ نقلُ جواب الإِمامِ فيمَنْ صلَّى قاعدًا مريضًا إِلى مسألة: مَنْ صلى قاعدًا قادرًا صحيحًا، بالاتفاقِ (١).

الدليل الثاني: إِذا اختلفَ جوابُ الإِمامِ في مسألتين متشابهتين، قلنا بالنقلِ والتخريجِ بينهما، قياسًا على نصوصِ الشارعِ؛ أَلَا تَرَى أنَّ الله تعالى لما نصَّ في كفارةِ القتلِ على إِيمانِ الرقبةِ المعتَقةِ، وأطلقها في كفارةِ الظهارِ، قسنا إِحداهما على الأخرى، وشَرَطْنَا الإِيمانَ في كفارةِ عتقِ الرقبةِ في الظهارِ، فكذلك في مسألتِنا، نقيسُ كلًّا من المسألتين على الأخرى (٢).

مناقشة الدليل الثاني: قياسُ مسألةِ: (النقلِ والتخريجِ) على ما أوردتموه في دليلِكم، قياسٌ مع الفارقِ، وببان ذلك: أنَّ الله تعالى صرَّحَ بالإِيمانِ في كفارةِ القتلِ، وسَكَتَ عنه في كفارةِ الظهارِ، فقسنا ما سَكَتَ عنه على ما نصَّ عليه.

وفي مسألتِنا: صرَّحَ الإِمامُ في كلتا المسألتين بقولٍ يخالفُ قولَه في المسألةِ الأخرى، فلا يجوزُ حمل إِحداهما على الأخرى، فنظيرُ مسألتِنا: الصيامُ في كفارةِ الظهارِ، وكفارةِ التمتعِ، فاعَتَبر الشارعُ تتابع الصيامِ في كفارةِ الظهارِ في قولِه تعالى: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} (٣)، واعتبرَ التفريقَ في صيام كفارةِ التمتع في قولِه تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} (٤)، ولم يجزْ نقلُ حكمِ كلٍّ منهما إِلى الأخرى (٥).


(١) انظر: تهذيب الأجوبة (٢/ ٨٧٥ - ٨٧٦).
(٢) انظر: التبصرة (ص/ ٥١٦)، وشرح اللمع (٢/ ١٠٨٣)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٣٦٩).
(٣) من الآية (٤) من سورة المجادلة.
(٤) من الآية (١٩٦) من سورة البقرة.
(٥) انظر: التبصرة (ص/ ٥١٦)، وشرح اللمع (٢/ ١٠٨٣)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>