للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَكَرَ فضيلةُ الشيخِ بكر أبو زيد صورةَ المسألةِ، فقالَ: "إِذا قالَ المجتهدُ قولًا في مسألةٍ خلافيةٍ، فهل يلزمُه ما تولَّدَ عن هذا الخلافِ مِنْ لازمِ قولِه، وثمرةِ خلافِه؟ فيكون له حكمان في مسألتين: حكمٌ قاله، وحكمٌ يلزمه على أثرِ قولِه، فيكون بمثابةِ ما قاله" (١).

وبالنقلين المتقدمين تتضحُ صورةُ المسألةِ، ويمكنُ القولُ بأنَّ المرادَ باللازمِ هوفيما إِذا قالَ إِمامُ المذهب قولًا، ولَزِمَ منه لازمٌ عقليٌّ، أو شرعيٌّ، أو عاديٌّ، فهل تصحُّ نسبةُ القولِ باللازمِ إِلى الإِمامِ؟

وأحبُّ أنْ أشيرَ إِلى أنَّ جمالَ الدينِ الإِسنوي قد نصَّ على المرادِ باللازمِ فقالَ: "إِذا لم نعرف القولَ المنسوبَ إِلى الشَّافعي في القولينِ المطلقينِ، وعرفنا قولَه في نظيرِ تلك المسألةِ: فإِنْ كانَ بين المسألتينِ فرقٌ يجوزُ أنْ يذهبَ إِليه ذاهبٌ، لم نحكمْ بأنْ قولَه في المسألةِ كقولِه في نظيرِها؛ لجوازِ أنْ يكون قد ذَهَبَ إِلى الفرقِ.

وإِنْ لم يكنْ بينهما فرقٌ البته، فالظاهرُ أن يكونَ قولُه في إِحدى المسألتينِ قولًا له في الأخرى، وهذه المسألةُ هي المعروفة بأنَّ لازمَ المذهبِ هل هو مذهبٌ أم لا" (٢).

وما ذكره الإِسنوي مشكلٌ؛ ففرقٌ بين القياسِ على قولِ الإِمامِ، ولازمِ قولِه، وقد أَوَّلَ الشيخُ محمد المطيعي قولَ الإِسنوي، فقالَ: "يريدُ الخلاف في هذه المسألةِ مبني على الخلافِ في تلك المسألةِ، فمَنْ قالَ: إِنَّ لازمَ المذهب ليس بمذهبٍ، قال: لا يكون قولُ الشَّافعي في إِحدى المسألتين قولًا لهَ في الأخرى ... ومَنْ قالَ: إِنَّ لازمَ المذهب مذهبٌ، قالَ: يكون قولُه في إِحدى المسألتين قولًا له في الأخرى مطلقًا" (٣).


(١) المدخل المفصل (١/ ٢٨٤).
(٢) نهاية السول (٤/ ٤٤٣).
(٣) سلم الوصول (٤/ ٤٤٣ - ٤٤٤). وانظر: نظرية التخريج للدكتور نوار الشلي (ص/ ٢٣٦ - ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>