للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديثُ إِلى الإِمامِ في الصورةِ الثانيةِ؛ لأنَّه إِذا لم يُنسبْ إِلى الإِمامِ ما دلَّ عليه الحديثُ، مع عدمِ وجودِ قولٍ له، فمِنْ باب أولى أنْ لا ينسبَ إِليه ما دلَّ عليه الحديثُ، مع وجودِ قولٍ له.

أمَّا عند القائلين بنسبةِ القولِ إِلى الإِمامِ بناءً على روايتِه، فنصَّ بعضُهم على عدمِ نسبةِ القولِ حينئذٍ إِلى إِمامِ المذهب، يقولُ الحسنُ بنُ حامدٍ: "إِنْ وُجِدَ عن الإِمامِ في الحادثةِ الَّتي فيها الخبرُ، جوابٌ كافٍ، لا يلتفتُ إِلى غيرِ جوابِه" (١).

ولأنَّ مخالفةَ الحديثِ، وتركَ العمل به تدلُّ على أن الإِمامَ يطعنُ في صحتِه، أو يرى معارضتَه لما هو أرجح منه، أو يرى نسخَه (٢).

ولأنَّ رواية الإِمامِ للحديثِ - عند مِنْ يقولُ بنسبةِ القول إِلى الإِمامِ بناءً عليها - مِنْ باب الدلالةِ، وقد عارضها تصريحٌ، والقاعدةُ المقررة: لا عبرةَ للدلالةِ في مقابلَةِ التصريحِ (٣).

بقي أنْ أقول: إِنَّ محلَّ مخالفةِ الحديثِ في الصورة الثانية بعدَ الروايةِ، فلو فُرِضَ تأخرُ الرواية عن رأي الإِمامِ المتقدمِ، فمِن المحتملِ أنْ يقولَ مَن يُصحح نسبةَ القولِ إِلى الإِمامِ بناءً على روايتِه، بتقديم الروايةِ المتأخرةِ، لأنَّها الَّتي استقرَّ عليها قولُ الإِمامِ (٤).

الصورة الثالثة: إِذا ثَبَتُ الحديثُ مِنْ غيرِ مروي الإِمامِ، وخالفه.

إِذا ثَبَتَ حديثٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذَهَبَ الإِمامُ إِلى خلافِ ما دلَّ عليه


(١) تهذيب الأجوبة (١/ ٣٧٠).
(٢) انظر: صفة الفتوى (ص/ ٩٨).
(٣) انظر قاعدة: (لا عبرةَ للدلالةِ في مقابلةِ التصريح) في: شرح مجلة الأحكام للآتاسي (١/ ٣٨)، وشرح القواعد الفقهية لأحمد الزرقا (ص/ ١٤١)، والمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (٢/ ٩٨٥).
(٤) انظر: صفة الفتوى (ص/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>