للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمعارضٍ أقوى أو لتأويلٍ صارفٍ له عن ظاهرِه أو ناسخٍ له، ومع هذه الاحتمالات، لا تسوغُ نسبةُ القولِ إِلى إِمامِ المذهبِ بناءً على الروايةِ (١).

• الموازنة والترجيح:

مِنْ خلالِ تأمّلِ القولين، وما استدلوا به، يظهرُ لي عدمُ صحةِ نسبةِ القولِ إِلى الإِمامِ بناءً على مجردِ روايتِه للحديثِ؛ وذلك للسببين الآتيين:

الأول: قد يروي الإِمامُ الحديثَ، ويرى تركَ العملِ به؛ إِمَّا لمعارضٍ أرجح وإِمَّا لصارفٍ وإِمَّا لناسخٍ، ومع هذه احتمالات تضعف نسبةُ القولِ إِلى الإِمامِ لمجرّدِ الروايةِ.

الثاني: قد يروي الإِمامُ الحديثين المتعارضين فإِلى أيّهما ينسبُ القول بناءً على الروايةِ؟

لكن إِن اقترنَ بروايةِ الإِمامِ للحديثِ قرينةٌ دالةٌ على أخذِه بمروّية، ساغَ القولُ بنسبةِ القولِ إِليه، بناءً على روايتِه للحديث؛ لوجودِ القرينةِ، مثل: أنْ يُبَوِّبَ على الحديثِ تبويبًا دالًا على اختيارِه، أو ينقل تلميذُه قولَه بناءً على روايته؛ لقرينةِ فهمِ التلميذِ مراد إِمامِه بروايتِه، أو يصححَ الحديثَ، فيفهم منه العملُ بمدلولِه.

وأيضًا: إِذا روى الإِمامُ الحديثَ، ولم يروِ ما يعارضه ساغتْ نسبةُ القولِ إِليه مقيّدًا، كقولنا: وهذا قولُه؛ لأنَّه روى الحديثَ.

الصورة الثانية: إِذا روى الإِمامُ الحديثَ، وخالفه.

إِذا روى الإِمامُ بسندِه حديثًا، وخالفه، فهل تسوغُ نسبةُ القولِ إِليه بناءً على روايتِه؟

مَنْ قال في الصورةِ الأولى بعدمِ نسبةِ القولِ إِلى الإِمامِ بناءً على روايتِه للحديث، فمِنْ بابٍ أولى أنْ يذهبَ إِلى عدمِ نسبةِ ما دلَّ عليه


(١) انظر: المصدر السابق (١/ ٣٦٠)، وصفة الفتوى (ص/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>