للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبوتِ الحديثِ، مع مخالفتِه له؛ لأنَّ ثبوتَ الحديثِ فقط غيرُ كافٍ للقولِ بمدلوله، مِنْ جهةِ احتمالِ الحديثِ للنسخِ وللتخصيصِ وللتأويلِ وللمعارضِ الراجح.

ولأنَّ في نسبةِ القولِ إلى إمامِ المذهبِ بناءً على الحديثِ إلغاءً لقولِه المنصوصِ.

وفيما يتعلقُ بما وَرَدَ عن بعضِ الأئمةِ مِنْ أنَّ قولَهم ما وافق السنةَ النبوية، فالظاهر لي أنَّ المقصدَ مِنْ هذه العباراتِ والباعثَ عليها، هو تعظيمُ السنةِ في النفوسِ، وحثُّ التلاميذِ على اتباعها، وتركُ قولِ مَنْ خالفها، وإن كان مِنْ علماءِ الأمةِ.

الصورة الرابعة: إذا ثَبَتَ الحديثُ مِنْ غيرِ مروي الإمامِ، ولم ينقلْ عنه قولٌ بخلافِه.

إذا ثَبَتَ حديثٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يُنقلْ عن الإمامِ قولٌ يخالفُ الحديثَ، فهلْ تسوغُ نسبةُ ما دلَّ عليه الحديثُ إلى الإمامِ؛ لأنَّ الحديثَ صحيحٌ؟

تختلفُ هذه الصورةُ عن التي قبلها في عدمِ وجودِ قولٍ لإمامِ المذهبِ، فالخطبُ فيها أيسرُ؛ إذ مَنْ نَسَبَ القولَ إلى إمامِه بناءً على الحديثِ، لم يقع في إلغاء قولٍ منصوصٍ لإمامِه.

وقد توجه كلامُ أغلب مَنْ تكلّمَ عنْ نسبةِ القولِ إلى الإمامِ بناءً على ثبوتِ الحديثِ إلى الصورةَ الثالثة، أمَّا الصورةُ الرابعة، فالكلامُ فيها - فيما رجعتُ إليه مِنْ مصادر - أقلُّ، وممَّنْ تكلّمَ عنها من المتقدمين: أبو شامةَ المقدسي (١)، وتقيُّ الدين السبكي (٢)، وقد نصَّا على نسبةِ القولِ إلى إمامِ المذهبِ.


(١) انظر: المصدر السابق.
(٢) انظر: معنى قول الإمام المطلبي (ص/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>