للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة الأولى: أنْ ينتسبَ المجتهدُ إلى مذهبٍ معينٍ، دون أنْ يكونَ لهذه النسبةِ أثرٌ في اجتهادِه.

قد يبلغُ العالمُ رتبةَ الاجتهادِ في الشريعة، ومع بلوغِه هذه الرتبة، إلا أنَّه ينتسب إلى مذهبِ إمامٍ معيَّنٍ، دون أنْ يكون لهذه النسبةِ أثرٌ في اجتهادِه، فهو متمذهبٌ بالاسمِ فقط، دون الحقيقةِ، ولهذه الحالةِ صورتان:

الصورة الأولى: أنْ ينتسبَ المجتهدُ إلى مذهبٍ معيَّنٍ، دون أنْ يكونَ لهذه النسبةِ أثرٌ في اجتهادِه، ولا يذكر أقوالَ إمامِه فيما يختاره مِن المسائلِ.

الصورة الثاني: أنْ ينتسبَ المجتهدُ إلى مذهبٍ معيَّنٍ، دونَ أنْ يكونَ لهذه النسبةِ أثرٌ في اجتهادِه، ولا يذكر أقوالَ إمامِه فيما يختارُه مِن المسائلِ.

الصورة الأولى: أنْ ينتسبَ المجتهدُ إلى مذهبٍ معيَّنٍ، دون أنْ يكونَ لهذه النسبةِ أثرٌ في اجتهادِه، ولا يذكر أقوالَ إمامِه فيَما يختاره مِن المسائلِ.

الذي يظهرُ لي في حكمِ التمذهب في هذه الصورةِ، أنَّه لا محذور فيه؛ لانتفاءِ تأثيرِه في الاجتهادِ.

لكنْ يبقى النظرُ في استحباب انتساب المجتهدِ إلى مذهبٍ معيَّنٍ مِنْ عدمِه، عائدًا إلى ما يحققه الانتسابُ مِنْ أَثرٍ إيجابي للمجتهدِ نفسِه، فقد ينشأُ المجتهدُ بين أناسٍ اعتادوا النسبةَ المذهبيةَ، ولا يُؤثر عندهم إغفالها، بلْ قد يكونُ إغفالُ المجتهدِ لها سببًا في عدمِ قبولِ الناسِ منه، فالأفضلُ للمجتهدِ في هذه الحالة الانتسابُ إلى المذهب؛ لئلا يردّ الناسُ ما يأتي به من أقوال، والعكسُ بالعكسِ.

يقولُ تقيُّ الدينِ بنُ تيمية: "فأمَّا الانتسابُ الذي يُفَرّق بين المسلمين، وفيه خروجٌ عن الجماعةِ والائتلافِ إلى الفرقة، فهذا ممَّا يُنْهَى عنه" (١).


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (١١/ ٥١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>