فمَنْ نَظَرَ إلى اجتماعِ شروطِ الاجتهادِ في المجتهدِ، وتوافر آلةِ الاجتهادِ فيه، ألحقه بالمجتهدين، وألزمه بالاجتهادِ، ومنعَه مِن التقليدِ.
ومَنْ نَظَرَ إلى عدمِ علمِ المجتهدِ بحكمِ المسألةِ، ألحقه بالعوامِّ، وأباح له التقليدَ، ولم يمنعْه منه.
يقولُ الطوفيُّ:"المسألةُ المتنازَعُ فيها واسطةٌ بين طرفين؛ فتجاذباها، وذلك؛ لأنَّ العاميَّ يقلِّدُ باتفاقٍ، والمجتهدُ إذا ظنَّ الحكمَ باجتهادٍ لا يقلِّد باتفاقٍ.
أمَّا المجتهدُ الذي لم يجتهدْ في الحكمِ، ولم يظهرْ له، فهو مترددٌ بين الطرفين:
فبالنظرِ إلى أنَّه لم يحصلْ له ظنُّ الحكمِ يُلحقُ بالعامي، وبالنظرِ إلى أنَّ فيه أدواتِ الاجتهادِ - وهو قادرٌ على معرفةِ الحكمِ بقوتِه القريبةِ مِن الفعلِ - يُلحقُ بالمجتهدِ الذي ظنَّ الحكمَ، في عدمِ جوازِ التقليدِ" (١).
السبب الثالث: هل كلُّ مجتهدٍ مصيبٌ؟
تُعدُّ مسألة:(التصويب والتخطئة) إحدى المسائلِ الأصوليةِ التي طالَ الحديثُ والخلافُ فيها، ولها أثرٌ في عددٍ مِن المسائلِ الأصوليةِ، ويمكن ردُّ الخلافِ في مسألةِ: هل للمجتهد أنْ يُقلِّدَ غيرَه من المجتهدين؟ إليها.
فمَنْ قال: الحقُّ واحدٌ، وليس كلّ مجتهدٍ مصيبًا، مَنَعَ مِنْ تقليدِ المجتهدِ لغيرِه مِن المجتهدين.