للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الآيةُ تدلُّ على أنَّ كلَّ واجبٍ عَجَزَ عنه المكلّفُ، فإنَّه يسقطُ عنه (١).

يقولُ شمسُ الدين بنُ القيّمِ: "إنَّ ما أوجبه اللهُ ورسولُه ... مقيّدٌ بحالِ القدرةِ؛ لأنَّها الحال التي يُؤْمرُ فيها به، وأمَّا في حالِ العجزِ، فغيرُ مقدورٍ ولا مأمورٍ" (٢).

وبناءً على ما تقدم آنفًا، فإن العالم إذا بلغَ رتبةَ الاجتهادِ، ونَسَبَ نفسَه إلى مذهب أحدِ الأئمةِ، ولعل يقلِّدْ مذهبَه، إلا أنَّه التزمَ الأخذَ بقولِ إمامِه - في الجَملة - فيما إذا تعذَّر عليه الاجتهاد، فإنَّ تمذهبَه في هذه الحالةِ جائزٌ.

• سبب الخلاف:

بتأمّلِ المسألة بأقوالها وأدلتها، يظهرُ أنَّ للخلافِ عدةَ أسباب:

السبب الأول: تعارضُ عموماتِ الأدلةِ الشرعيةِ، فقد وَرَدَت في الكتابِ الكريمِ، والسنةِ المطهرةِ عموماتٌ دالةٌ على المنعِ مِن التقليدِ، وأخرى جاءت دالة على إباحتِه.

فمَنْ نَظَرَ إلى عموماتِ الأدلةِ المانعةِ، قالَ بمنعِ المجتهدِ مِن تقليدِ غيرِه مِن المجتهدين.

ومَنْ نَظَرَ إلى عموماتِ الأدلةِ المبيحةِ للتقليدِ قالَ بإباحةِ التقليدِ للمجتهدِ.

ومَنْ فصَّلَ في المسألةِ، أَخَذَ بعموماتِ الأدلةِ المانعةِ أو المبيحة، وفضلَ، أو استثنى؛ لأدلةٍ خاصةٍ.

السبب الثاني: الترددُ في إلحاقِ المجتهدِ الذي لم ينظرْ في المسألةِ أصلًا، أو لم يتوصلْ فيها إلى رأي محددٍ، بالمجتهدين، أو بالعوامِّ:


(١) انظر: تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي (٤/ ١٨٤١).
(٢) تهذيب السنن (١/ ١١٨ - ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>