للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنْ أتعرضَ إلى الخلافِ في المسألةِ، لكنَّي سأسيرُ في ضوءِ الاتجاه القائلِ إنَّ مِنْ أصولِ الفقه ما هو ظني؛ لأنَّ هذا هو ما يتفقُ وواقعَ المؤلفاتِ الأصوليةِ حينَ ننظرُ في الخلافِ المذكورِ في بعضِ المسائلِ، والذي يبعدُ معه كونُ كلِّ مسائلِ أصولِ الفقه قطعية.

وقد نصَّ غيرُ واحدٍ مِن الأصوليين على إدخالِ أصولِ الفقهِ في المجتَهَدِ فيه، يقول بدرُ الدين الزركشي: "المجتَهَد فيه: كلُّ حُكْمٍ شرعي عملي أو علمي - يُقصد به العلم - ليس فيه دليلٌ قطعي ...

والمراد بالعلمي: ما تضمنّه علمُ الأصولِ مِن المظنوناتِ التي يستندُ العملُ إليها" (١).

ويقولُ الطوفيُّ: "أحكامُ الشريعةِ ... أقسامٌ ... منها: أنْ يستندَ إلى دليلٍ ظني - يحتمل النقيضَ احتمالًا قويًا - فهو اجتهادي، كأحكامِ الفروعِ الفقهيةِ، وأكثرِ أصولِ الفقهِ" (٢).

ويقولُ أبو الوفاءِ بنُ عقيلٍ: "إنَّ أصولَ الفقهِ لا يُطلبُ لها القطعيات مِن الأدلة؛ إذ كانتْ إلى إثباتِ الأحكامِ أقرب، وعن أصولِ الدينِ أبعد" (٣).

وحين عَرَض جمعٌ مِن الأصوليين مسألة: (المجتَهَد فيه)، أغفلوا قيدَ: (عملية)؛ بحيثُ تدخلُ المسائلُ العلميةُ - كأصولِ الفقهِ - التي ثبتتْ بدليلٍ غيرِ قاطعٍ في المجتَهَدِ فيه، ومن هؤلاءِ: أبو حامدٍ الغزالي (٤)، والفخرُ


= في علم أصول الفقه للرازي (١/ ٨٠)، ونفائس الأصول (١/ ٤٧)، ونهاية الوصول للهندي (٧/ ٢٨٢٧)، ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية (٥/ ٩١)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (١٩/ ٢٢٨)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٦١٦)، والموافقات (١/ ١٧).
(١) البحر المحيط (٦/ ٢٢٧).
(٢) شرح مختصر الروضة (٣/ ٦١٦).
(٣) الواضح في أصول الفقه (٥/ ٣٣١)، وانظر منه: (٤/ ١٨٢).
(٤) انظر: المستصفى (٢/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>