للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحصلُ الشذوذُ في النقلِ بأمورٍ، منها:

أولًا: انفرادُ أحدِ الرواةِ عن الإمامِ بنقلٍ يخالفُ فيه ما نقله غيرُه.

وقد تقدَّمَ الحديثُ عن تفرّدِ الراوي بنقلٍ عن الإمامِ.

يقولُ الشيخُ محمدٌ المطيعي في معرضِ حديثِه عن الرواياتِ الغريبةِ في المذاهبِ: "وأمَّا الرواياتُ الغريبةُ التي يتفردُ بنقلها آحادُ المصنفين مِنْ أهلِ القرونِ المتأخرةِ: فلا يُعتدُّ بها، ولا يعتمدُ عليها، ولا بصاحبِها، لا سيما إذا خالفَ فيما قاله الأصولَ، وباينَ المنقولَ والمعقولَ" (١).

أمثلة ذلك:

المثال الأول: يقولُ بدرُ الدين الزركشي: "المجنونُ ليس بمكلَّفٍ إجماعًا ... وعن أحمدَ روايةٌ بوجوبِ قضاءِ الصومِ على المجنونِ، نصَّ عليها في روايةِ حنبلٍ، وضعّفها محققو أصحابِه" (٢).

المثال الثاني: ذَكَرَ شمسُ الدينِ بنُ القيمِ الأحكامَ المترتبةَ على ملاعنةِ الزوجِ لزوجه، وذَكَرَ أنَّ الفُرْقَةَ بين المتلاعنين تُوجبُ تحريمًا مؤبدًا، ثمَّ قال: "وعنْ أحمدَ روايةٌ أخرى: أنَّه - أي: الزوج - إنْ أكذبَ نفسَه حلَّتْ له، وعادَ فراشُه بحالِه، وهي روايةٌ شاذةٌ! شذ بها حنبلٌ عنه.

قال أبو بكر (٣): لا نعلمُ أحدًا رواها غيرُه" (٤).

المثال الثالث: يقولُ الحافظ ابنُ رجبٍ: "روى الخضرُ بنُ أحمد الكندي (٥) عن عبدِ الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه، قال: إذا كان عليه - أيْ: الحاج - تكبيرٌ وتلبيةٌ، بدأَ بالتكبيرِ، ثم بالتلبيةِ.


(١) رسالة في الكتب التي يعول عليها (ص/ ٧٢).
(٢) البحر المحيط (١/ ٣٤٩ - ٣٥٠). وانظر: العدة (١/ ٣١٥)، والقواعد لابن اللحام (١/ ٤٦).
(٣) المقصود أبو بكر الخلال.
(٤) زاد المعاد (٥/ ٣٩٢).
(٥) هكذا جاء اسمه في: (فتح الباري) لابن رجب، والذي في كتب الحنابلة: الخضر بن مثنى الكندي، ولعله المقصود؛ لأنه ممن نقل عن عبد الله بن الإمام أحمد، وقصارى ما وقفت =

<<  <  ج: ص:  >  >>