للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحاضرةِ فيما بقي مِنْ وقتِها، ثمَّ يقضي الفائتةَ بعدَها .. .

وقالتْ طائفةٌ: بلْ يبدأُ بالفائتةِ، ولا يسقطُ الترتيبُ بذلك ... وهو روايةٌ عنْ أحمدَ، اختارها: الخلالُ ... وأنكرَ ثبوتَها القاضي أبو يعلى، وذَكَرَ أنَّ أحمدَ رَجَعَ عنها" (١).

ثانيًا: أنْ يُعلَّ النقلُ بأنَّ ناقلَ كلامِ إمامِ المذهبِ قد خَلَطَ بين كلامِ الإمامِ، وكلامِ غيرِه مِن الأئمةِ.

قد ينقلُ أحدٌ قولَ الإمامِ في واقعةٍ معيَّنةٍ، لكنَّه يخلطُ بين كلامِ إمامِه، وكلامِ غيرِه، فيُعلّ نقلُه مِنْ هذه الجهة، وكذلك الأمرُ فيما لو فهمَ أحدٌ قولًا بناءً على خلطِه بين الكلامين.

ولا يخفى أنَّ إعلالَ النقلِ بخلطِ الناقلِ بين الكلامين مرتقى صعبٌ، لا يقولُه إلا مَنْ خَبَرَ كلامَ إمامِه، أو وَقَفَ على نصِّ الروايةِ التي نُسِبَ القولُ فيها إلى الإمامِ بناءً عليها، فظَهَرَ له خلطُ الكلامين.

مثال ذلك: جاء في: (مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق بن منصور): "قلت: رجلٌ باع ثوبًا، فجاءَ رجلٌ، فأقامَ البينةَ أنَّه اشتراه بمائةٍ، وأقامَ الآخرُ البينةَ أنَّه اشتراه بمائتين، والبائعُ يقولُ: بعتُه بمائتين، والثوبُ في يدِ البائعِ بعدُ؟ قالَ: المتبايعانِ بالخيارِ، إنْ شاءَ أحدُهما أخذَ النصفَ بمائة، والآخرُ النصفَ بخمسين، وإنْ شاءا رداه ... قالَ أحمدُ: ليس قولُ البائعِ بشيءٍ، يُقْرَعُ بينهما، فمَنْ أصابتُه القرعةُ، فهو له بالذي ادَّعى أنَّه اشتراه به.

قلت: فإنْ كان الثوبُ في يدِ أحدِهما، ولا يُدري أيّهما اشتراه أول؟ قال: لا ينفعه ما في يديه، إذا كان مقرًا أنَّه اشتراه مِنْ فلانٍ، يُقرَعُ بينهما" (٢).


(١) فتح الباري لابن رجب (٥/ ١٢٤ - ١٢٥).
(٢) مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه برواية إسحاق بن منصور (٦/ ٢٩٣٣ - ٢٩٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>