للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ الحافظ ابنُ رجبٍ: "والعجبُ أنَّ القاضي (١) في: (المجرد) حكى هذا النصَّ عنْ أحمدَ، وذَكَرَ أنَّه أجابَ بقسمةِ الثوبِ بينهما نصفين، ثم تأوّله على أنه كان في أيديهما، وإنَّما أجابَ أحمدُ فيه بالقرعةِ - كما ذكرنا - وإنَّما المجيبُ بالقسمةِ سفيانُ الثوري؛ فإنَّ إسحاقَ بن منصور يذكرُ لأحمدَ أولًا المسألة، وجوابَ سفيانَ فيها، فيجيبه أحمدُ عنها بعد ذلك بالموافقةِ، أو بالمخالفةِ، فرُبَّما يشتبه جوابُ أحمدَ بجواب سفيانَ، وقد وَقَعَ ذلك للقاضي كثيرًا! فليُتَنَبّه لذلك" (٢).

ثالثًا: أنْ يُعَلَّ النقلُ بعدمِ فهمِ الناقلِ لمصطلحاتِ إمامِ المذهبِ.

قد يكونُ لإمامِ المذهب اصطلاحٌ في بعضِ الألفاظِ يخالفُه فيه غيرُه، وهذا أمرٌ لا إشكالَ فيه؛ لأنَّهَ لا مشاحةَ في الاصطلاحِ، لكنْ يَرِدُ الخطأ إلى مَنْ ينقلُ عنْ إمامِه قولًا مُنْزِلًا ألفاظَ إمامِه على اصطلاحِ مَنْ بعده.

يقولُ شمسُ الذينِ بنُ القيمِ: "وقد غَلِطَ كثيرٌ مِن المتأخرين مِنْ أتباعِ الأئمةِ على أئمتِهم بسببِ ذلك - أيْ: عدم معرفةِ مرادِهم بالألفاظِ التي يستخدمونها - حيثُ تورّع الأئمة عنْ إطلاقِ لفظِ: التحريمِ، وأطلقوا لفظَ: الكراهةِ، فنفى المتأخرون التحريمَ عمَّا أطلقَ عليه الأئمةُ الكراهةَ، ثم سهلُ عليهم لفظ: الكراهةِ، وخفَّتْ مؤنتُه عليهم، فحَمَلَه بعضُهم على التنزيه ... فحصلَ بسببِه غلطٌ عظيمٌ على الشريعةِ، وعلى الأئمةِ" (٣).

مثال ذلك: جاء في: (مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق بن منصور): "قلت: الجمعُ بين الأختين المملوكتين، تقول: إنَّه حرامٌ؟ قال: لا أقول: إنَّه حرامٌ، ولكنْ يُنْهَى عنه" (٤).


(١) هو: القاضي أبو يعلى.
(٢) تقرير القواعد وتحرير الفوائد (٣/ ٢٥٦ - ٢٥٧).
(٣) إعلام الموقعين (٢/ ٧٥).
(٤) مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية برواية إسحاق بن منصور (٤/ ١٥٥٠ - ١٥٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>