للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ ابنُ اللحام: "قال القاضي: ظاهرُ هذا - أيْ: ما جاءَ عن الإمامِ أحمدَ في روايةِ إسحاقَ - أنَّه لا يحرمُ الجمعَ، وإنَّما يُكره.

قالَ أبو العباسِ (١): الإمامُ أحمد لم يقلْ: ليس هذا حرامًا، وإنَّما قال: لا أقولُ: هو حرام، وكانوا يكرهون فيما لم يَرِدْ فيه نصُّ تحريمٍ أنَّ يُقَالَ: هو حرامٌ، ويقولون: يُنهى عنه ... وهذا الأدبُ في الفتوى مأثورٌ عن جماعةٍ مِن السلفِ؛ وذلك إمَّا لتوقّفٍ في التحريمِ، أو تهيبٍ لهذه الكلمةِ ... وأَمَّا أنْ يُجْعَلَ عن أحمدَ أنَّه لا يحرم، ابلْ يَكرَه، فهذَا غلطٌ عليه؛ ومأخذه: الغفلةُ عن دلالةِ الألفاظِ، ومراتبِ الكلامِ" (٢).

رابعًا: أنْ تُعلَّ نسبةُ القولِ إلى إمامِ المذهبِ بالاشتباه في المرادِ باللفظِ.

قد ينسبُ أحدُ العلماءِ إلى أحدِ الأئمةِ قولًا؛ بناءَ على ما نُقِلَ عنه، لكنْ يشتبه عليه معنى لفظةٍ بمعنى لفظةٍ أخرى، كان يَرِد في كلامِ الإمامِ: "التكبيرُ"، فيحملُه على التكبيرِ في الصلاةِ، ومرادُ الإمامِ به التكبيرُ في أيام العيدِ.

مثال ذلك: قالَ الإمامُ أحمد: "يُروى عن ابنِ عمرَ - رضي الله عنهما - أنَّه كان لا يُكَبِّر إذا صلَّى وحده ... وأَحبُّ إلي أنْ يُكَبّر، وأمَّا التطوع فلا" (٣).

حَمَلَ الحافظ ابنُ عبدِ البر ما جاءَ عن الإمامِ أحمدَ على التكبيرِ في الصلاةِ - عدا تكبيرة الإحرام - فلا تفسدُ الصلاةُ بتركِ التكبيرِ؛ لأنَّه سنةٌ،


(١) هو: تقي الدين بن تيمية.
(٢) الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية (ص/ ٣٠٦).
(٣) مسائل الإمام أحمد رواية إسحاق بن منصور (٩/ ٤٨٠٦ - ٤٨٠٧). أما قول عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، فجاء عنه ما يدل على عدم التكبير إذا صلى وحده في أثرين:
الأول: أنَّ ابنَ عمر كان إذا صلى وحده في أيام التشريق لم يكبر دبر الصلاة، وأخرجه: الطبراني في: المعجم الكبير (١٢/ ٢٠٨)، برقم (١٣٠٧٤)، وإسناده صحيح. انظر: التحجيل لعبد العزيز الطريفي (١/ ١٠٧).=

<<  <  ج: ص:  >  >>