للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلَّقَ القاضي ابنُ فرحون (١) على هذا قائلًا: "ومراده - أيْ: القرافي - إنْ كانت الحواشي غريبةَ النقلِ، وأمَّا إذا كان ما فيها موجودًا في الأمهاتِ، أو منسوبًا إلى محلِّه، وهي بخطٍ يُوْثَقُ به، فلا (٢) فرقَ بينها، وبين سائرِ التصانيف، ولم تَزَلِ العلماءُ وأئمةُ المذهب ينقلون ما على حواشي كتبِ الأئمةِ الموثوقِ بعلمِهم، المعروفة خطوطهمَ ... وأمَّا حيثُ يجهلُ الكاتبَ، ويكونُ النقلُ غريبًا، فلا شكَّ فيما قاله القرافيُّ، رحمه الله تعالى" (٣).

وإذا كانَ الكتابُ المذهبيُّ يُورِدُ الرواياتِ والأقوالَ الضعيفة، ولا يميّزُ بينها، وبين الأقوالِ المعتمدةِ، فلا يجوزُ الاعتمادُ على نقلِه، إذا لم تكنْ لدى الناظرِ فيه أهليةُ معرفةِ القولِ الضعيفِ (٤).

والتعويلُ في معرفةِ الكتبِ المعتمدةِ مِنْ غيرِها على ما قاله محققو المذهبِ نفسِه (٥).

الشرط السادس: أنْ لا يخالفَ القولُ المذكورُ في الكتابِ نصوصَ الإمامِ، وأصولَه.


(١) هو: إبراهيم بن علي بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن فرحون اليعمري المدني، أبو الوفاء برهان الدين، ولد بالمدينة، ونشأ بها، كان إمامًا فقيهًا مالكيًا أصوليًا محققًا، ونحويًا بارعًا، جامعًا للفضائل، فريد وقته، واسع العلم، فصيح القلم، ذا معرفة بالوثائق والرجال وطبقاتهم، تولى القضاء بالمدينة، وأظهر مذهب الإمام مالك بعد خموله، من مؤلفاته: تبصرة الحكام في الأقضية ومناهج الأحكام، والديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، وكشف النقاب الحاجب عن مصطلح ابن الحاجب، توفي سنة ٧٩٩ هـ وعمره نحو من سبعين عامًا. انظر ترجمته في: الدرر الكامنة لابن حجر (١/ ٤٨)، وإنباء الغمر له (٣/ ٣٣٨)، وشذرات الذهب لابن العماد (٨/ ٦٥٨)، ودرة الحجال لابن القاضي (١/ ١٨٢)، ونيل الابتهاج للتنبكتي (ص/ ٣٣)، وشجرة النور الزكية لمخلوت (١/ ٢٢٢).
(٢) في المطبوع من تبصرة الحكام (١/ ٨٢): "فلان"، وهو تحريف ظاهر.
(٣) المصدر السابق. وانظر: الفتاوى الكبرى الفقهية لابن حجر الهيتمي (٢/ ٩١).
(٤) انظر: شرح عقود رسم المفتي لابن عابدين (ص/ ٤٦)، والمدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (ص/ ٤٤٦)، وأصول الإفتاء للعثماني (ص/ ٣٦٤ وما بعدها) مع شرحه المصباح في رسم المفتي.
(٥) انظر: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (ص/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>