للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه الحالة لا تصحُّ نسبةُ القولِ إلى إمامِ المذهبِ اعتمادًا على ما في الكتابِ، وعلى الناظرِ أنْ يحققَ قولَ الإمامِ بمراجعةِ مؤلفاتِه، وما يُقرره محققو مذهبِه.

يقولُ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة حين تحدّثَ عن التخريجِ في المذهبِ الشافعي: "الآراء التي تعدُّ خارجة عن المذهبِ - وهي التي يكون المخرَّجُ قد خالفَ فيها نصًّا للشافعي حَكَمَ به في واقعةٍ مِن الوقائعِ، أو خالفَ فيها قاعدةً مِن القواعدِ الأصوليةِ - فإنَّ هذه لا تحتسبُ مِنْ مذهبِ الشافعي؛ لمخالفتِها رأيه، أو لمنافاتِها في الاجتهادِ و (١) لأصلِه؛ إذ لا يُنسبُ إلى مذهب الشافعي ما يكون ضدَّ رأيه، ولا يُعدُّ مِنْ مذهبِه ما جَرَى على غيرِ أصولِهَ، وخُرَّجَ على غيرِ قواعدِه" (٢).

أمثلة ذلك:

المثال الأول: يقولُ تقيُّ الدينِ بنُ تيمية: "إنَّ المتأخرين أحدثوا حِيَلًا لم يصحَّ القولُ بها عن أحدٍ مِن الأئمةِ، ونسبوها إلى مذهبِ الشافعي وغيرِه، وهم مخطئون في نسبتِها إليه - على الوجهِ الذي يدّعونه - خطأ بيّنًا؛ يَعْرِفُه مَنْ عَرَفَ نصوصَ كلامِ الشافعي ... بلْ هو يكرهها، وينهى عنها ... وكثيرٌ مِن الحيلِ، أو أكثر الحيلِ المضافة إلى مذهبِه مِنْ تصرفاتِ بعضِ المتأخرين مِنْ أصحابِه" (٣).

المثال الثاني: يقولُ المرداويُّ: "لا يُستحبُ تمسحُه بقبرِه - عليه أفضلُ الصلاةِ والسلامِ - على الصحيح من المذهب.

قال في: (المستوعب) (٤): بلْ يُكْرَه؛ قال الإمامُ أحمدُ: أهلُ العلمِ كانوا لا يمسّونَه.

نقلَ أبو الحارثِ: يدنو منه، ولا يتمسح به، بلْ يقومُ حذاءه، فيُسَلّمُ.


(١) لعل الأقرب حذف الواو.
(٢) الشافعي - حياته وعصره (ص/ ٣٢١).
(٣) بيان الدليل (ص/ ١٦١).
(٤) انظر: (٤/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>