للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وألحقَ محيي الدين النوويُّ اجتهاداتِ الشافعية التي لم تُؤخذْ منْ أصولِ الإمام الشافعي بمصطلحِ: (الوجه)، يقولُ مقررًا هذا: "الأوجه: لأصحابِه - أَيْ: لأصحاب الإمام الشافعي - المنتسبين إلى مذهبِه، يخرِّجونها على أصولِه، ويستنبطونها مِنْ قواعدِه، ويجتهدون في بعضِها، وإنْ لم يأخذوه مِنْ أصلِه" (١).

ولم يرتضِ تاجُ الدينِ بن السبكي إطلاقَ النووي، وفصّل في الأمر على النحو الآتي:

- ما كان مِن اجتهاداتِ علماءِ المذهب الشافعي، ولم يأخذوا بأصلِه، فإنَّه لا يُعدُّ مِن المذهبِ الشافعي إذا نافى قواعدَ المذهبِ.

- وإذا لم ينافِ قواعدَ المذهبِ، وناسبها فإنَّه يُعدُّ منه.

- وإذا لم ينافِ قواعدَ المذهبِ، ولم يناسبْها ففي إلحاقِه بالمذهبِ تَرَدّدٌ (٢).

وتفصيلُ تاجُ الدينِ بن السبكي تفصيلٌ جيّدٌ.

وقد نصَّ تقيُّ الدين السبكي على أن رأيَ الواحدِ مِنْ أصحابِ الإمامِ الشافعي إذا قاله لدليل قامَ عنده، ولم ينتهضْ على قواعد المذهبِ الشافعي، فإنَّه ينبغي أَنْ لا يُعدَّ وجهًا، ونبَّه إلى أنَّ هذا قلَّ أنْ يَقَعَ لأصحابِه، بلْ لا يَعرفُ لهم وقوعَ مثلِه (٣).

أمثلة الوجه عند الشافعية:

المثال الأول: ذَكَرَ محيي الدين النووي شروطَ خطبةِ الجمعةِ، فقالَ: "السادس: رفعُ الصوتِ ... والشرطُ أنْ يُسْمِع أربعين مِنْ أهلِ الكمالِ، فلو رَفَعَ صوتَه قدرَ ما يَبْلغُ، ولكنْ كانوا كلّهم، أو بعضهم صُمًّا:


(١) المجموع شرح المهذب (١/ ٦٥).
(٢) انظر: طبقات الشافعية الكبرى (٢/ ١٠٤).
(٣) انظر: قضاء الأرب في أسئلة حلب (ص/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>