للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريقةِ أهلِ الرأي والقياسِ، وهم أهل العراقِ؛ وطريقة أهلِ الحديثِ، وهم أهلُ الحجازِ.

وكان الحديثُ قليلًا في أهلِ العراقِ ... فاستكثرَ الناسُ مِن القياسِ ومَهَرُوا فيه، فلذلك قيل: أهل الرأي، ومقدَّم جماعتِهم الذي استقرَ المذهبُ فيه وفي أصحابِه: أبو حنيفة.

وإمامُ أهلِ الحجازِ: مالك بن أنس، والشافعي مِنْ بعدِه" (١).

ولقد ظَهَرَت المناهجُ الأصوليةُ بصورةٍ أوضح في عصورِ الأئمةِ المجتهدين (٢)، يقولُ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة: "إذا تجاوزنا عَصْرَ التابعين ووَصَلنا إلى عَصْرِ الأئمةِ المجتهدين، نَجِد المناهجَ تتميّزُ بشكلٍ أوضحَ، ومَعَ تمييز المناهج تتبيّنُ قوانينُ الاستنباطِ، وتَظْهَرُ معالمُها، وتظهرُ على ألسنةِ الأئمةِ في عباراتٍ صريحةٍ واضحةٍ دقيقةٍ" (٣).

ويقولُ الدكتورُ محمد مدكور: "كان هناك موازينُ للاجتهادِ في أذهانِ الصحابةِ والتابعين، أَخَذَتْ تَتَّضِحُ شيئًا فشيئًا، حتى وضحتْ ناصعةً في عَصْرِ الأئمةِ، وبَدَأَ الشافعيُّ في إبرازِها، وتدوينِها" (٤).

لقد انتشر في الأمصارِ الإسلاميةِ في القرنين: الأول والثاني الهجريين فقهاءُ مجتهدون، كانت لهم آراء وأقوال، ومنهم مَنْ بقي مذهبُه إلى وقتنا، ومنهم مَن اندثرَ مذهبُه (٥).

وممَّا تحسنُ الإشارةُ إليه: أنَّ المجتهدين الذين صارت لهم مذاهب مستقلةٌ - سواء أبقيت إلى الآن، أم فنيت - لم يجعلوا مِنْ آرائِهم وأقوالِهم


(١) مقدمة ابن خَلدون (٣/ ١٠٤٦ - ١٠٤٧).
(٢) انظر: أصول الفقه لمحمد أبو زهرة (ص/ ١٢).
(٣) أصول الفقه (ص/ ١٢).
(٤) مناهج الاجتهاد في الإسلام (ص/٤١٣).
(٥) انظر: أسباب اختلاف الفقهاء لعلي الخفيف (ص/٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>