للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توظيفُه في بلدٍ أهلُها حنابلةٌ في الفتوى مثلًا، فيلزم أنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مذهبِه الأصلي، كالشافعي، ويصير حنبليًا؛ كي يكون مفتيًا، مع أنَّ هذا سهلٌ لا بأسَ به" (١).

وكلامُ الشيخِ الحجوي شاهدٌ ناطق على أنَّ للإفتاءِ مدخلًا في التمذهبِ؛ إذ لم يؤثر الإفتاءُ في بقاءِ المذهب فحسب، بلْ في انتقالِ علماءِ المذاهبِ الأُخْرَى إليه.

السبب الثالث: المدارسُ المذهبيةُ.

لقد اهتمتْ بعضُ المذاهبِ الفقهيةِ بتدريسِ علومِ الشريعةِ - ويأتي على رأسِها: أصول المذهب وفروعه - في مدارس مستقلةٍ، يدرِّسُ فيها الفقهاءُ والعلماءُ.

ومِنْ شأنِ وجودِ هذه المدارس أنْ تطيلَ عمرَ المذهبِ، وأنْ يستمرَ وجودُه ما دامتْ أحكامُه الأصولية والفقهية تُدرَّسُ.

وليس بخافٍ على أحدٍ ما للمدارسِ مِنْ دورِ كبيرٍ في الحفاظِ على المذهبِ، والإبقاءِ عليه على مرِّ العصورِ.

يقول العزُّ بنُ عبد السلام: "علوم المدارسِ: المذهبُ، والجدلُ، والخلافُ، وأصولُ الفقهِ، وعلمُ الكلامِ، وأَوْلاها: المذهبُ وأصولُه، ثمَّ الخلاف، ثمَّ الجدلُ ... " (٢).

ويبدو أنَّ بعضَ المدارسِ كانت تُسمّى بإمامِ مذهبِها أو بأحدِ علماءِ مذهبِه

المتميزين، يقول الوزيرُ ابنُ هبيرة (٣): "أمَّا تعيين المدارسِ بأسماء


(١) الفكر السامي (٤/ ٤٤٨).
(٢) القواعد الكبرى (٢/ ٢٣٥).
(٣) هو: يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن الحسن الشيباني العراقي، عون الدين أبو المظفر، ويُعرف بالوزير ابن هبيرة، ولد بقرية بني أوقر من الدُّور أحد أعمال الدجيل سنة ٤٩٩ هـ كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>