للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليتوصّلَ إلى مراداتِ مؤلفيها (١).

يقول الإمامُ محمد الشوكاني (ت: ١٢٥٠ هـ) عن علماء هذه القرونِ: "لا ريبَ أنَّ في سائرِ الديارِ المصريةِ والشاميةِ مِن العلماءِ الكبارِ مَنْ لا يبلغُ غالبُ أهلِ ديارِنا إلى رتبتِه، ولكنَّهم لا يفارقون التقليدَ الذي هو دَأَب مَنْ لا يعقلُ حججَ الله ورسولِه، ومَنْ لم يفارق التقليدَ، لم يكنْ لعلمِه كثيرُ فائدةٍ، وإنْ وُجِدَ مَنْ يعمل بالأدلة، ويَدَعُ التعويلَ على التقليدِ، فهو القليلُ النادرُ، كابنِ تيمية، وأمثالِه" (٢).

ولم يكتفِ بعضُ المتمذهبين بتركِ النظرِ في نصوصِ الكتابِ والسنةِ، بلْ تعدَّى الأمرُ إلى تَرْكِ النظرِ في كُتُب إمامِ المذهب ومتقدمي أصحابِه، والاكتفاءِ بما قرّره متأخرو علماءِ الَمذهب، بلْ بَلَغَ الأمرُ عند بعضِ المتمذهبين إلى أن الواحدَ منهم لو أراد النظَرَ في كتبِ إمامِه أو مؤلفاتِ أصحابِه المتقدمين، لسَخِرَ منه بعضُ أرباب مذهبه، وقالوا عنه: إنَّه يرى نفسَه أهلًا لمعرفةِ قولِ الإمام! (٣).

ويبيّنُ الشيخُ محمدُ بنُ عبد الوهاب (ت: ١٢٠٦ هـ) حالَ بعضِ المتمذهبين في عصرِه، فيقول: "قالوا: القرآن لا يجوزُ العملُ به لنا ولأمثالنا (٤)، ولا بكلامِ الرسولِ، ولا بكلامِ المتقدمين، ولا نطيع إلا ما ذكره


(١) انظر: تاريخ الفقه الإسلامي لبدران أبو العينين (ص/ ١٠٠)، ومناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ ٩٧)، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد السايس (ص/ ١٨٤)، والفتوى - نشأتها وتطورها للدكتور حسين الملاح (ص/ ٣٣٠)، وتاريخ التشريع الإسلامي لمناع القطان (ص/ ٣٩٧)، وتاريخ التشريع للدكتور محمود عثمان (ص/ ٢٩١)، وبلوغ الأماني للدكتور الحسن العلمي (ص/ ١٧٧)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد الحصري (ص/ ٢٢٥)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (١/ ١١٩)، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور حسين حسان (ص/ ١١٧)، والمدخل الفقهي للدكتور خليفة با بكر وزميليه (ص/ ٢٤١).
(٢) البدر الطالع (ص/ ٦٠٢).
(٣) انظر: العَلَم الشامخ لصالح المقبلي (ص/ ٤٢٢)، ورسالة في: الاجتهاد والتقليد لحمد بن معمر (ص/ ٩٣ - ٩٥)، ومعالم تجديد المنهج الفقهي لحليمة بوكروشة (ص/ ٣٩)، وبلوغ الأماني للدكتور الحسن العلمي (ص/ ١٧٧).
(٤) في المطبوع من الدرر السنية (١/ ٧٣): "ولا مثالنا"، وهو تصحيف، ولعل المثبت هو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>