للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيفَ يكون الرازيُّ شافعيَّ المذهب، ولا يجوِّز تقليدَ الميتِ؟ ! (١)؛ وحينَ عرضَ الرازيُّ المسألةَ، ذَكَرَ في أوَلها القولَ بالمنع مِنْ تقليدِ الميتِ، ثمَّ ذَكَرَ في آخرِها الإِجماعَ على جوازِ العملِ بالفتوى المنقولةِ عن المجتهدِ الميتِ؛ لانقطاعِ المجتهدين، فجمعًا بين الكلامين يُحمل قولُه على المنعِ مِن تقليدِ الميتِ إِنْ وُجِدَ مجتهدٌ (٢).

القول الرابع: يجوزُ تقليدُ المجتهدِ الميتِ إِذا كان حاكي مذهبِه مجتهدًا فيه، مطَّلِعًا على ماخذِه، أهلًا للنَّظَرِ والتفريعِ، فإِنْ لم يكنْ حاكي المذهب بهذه الصفةِ، فلا يجوزُ تقليدُ الميت.

وهذا قولُ الآمدي (٣)، وابنِ الحاجبِ (٤)، وصفي الدينِ الهندي (٥).

ونَقَلَ بدرُ الدين الزركشي عن تاجِ الدينِ بنِ السبكي أنَّ هذا القولَ خارجٌ عن محلِّ النزاعِ؛ لأنَّ الكلامَ فيما إِذا ثَبَتَ أنَّه مذهبُ الميت، فإِنْ فُرِضَ أنَّ الناقلَ لا يُوْثقُ بنقلِه فهمًا وإِنْ وُثقَ به نقلًا، تَطَرَّقَ عدمُ الوثوقِ بفهمِه إِلى عدمِ الوثوقِ بنقلِه، وصارَ عدمُ قبولِه؛ لعدمِ صحةِ المذهبِ عن المنقولِ إِليه، لا لأنَّ الميتَ لا يُقَلَّد، فليس تفصيلُ القولِ الرابعِ واقعًا في محلِّ النزاع (٦).

ثمَّ إِنَّ القائلين بهذا القولِ ساقوا قولَهم في مسألةِ: (إِفتاء غيرِ المجتهدِ بقولِ أحدِ المجتهدين)، ولم يسوقوه في مسألةِ: (تقليد الميت) (٧).


(١) انظر: الدرر اللوامع (ص/ ٦١٠).
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) انظر: الإِحكام في أصول الأحكام (٤/ ٢٣٦).
(٤) انظر: منتهى الوصول والأمل (ص/ ٢٢١)، ومختصره (٢/ ١٢٦٠).
(٥) انظر: نهاية الوصول (٨/ ٣٨٨٥).
(٦) انظر: تشنيف المسامع (٤/ ٦١١)، وستأتي مسألة: (إِفتاء المتمذهب بمذهب إِمامه)، وفيها مزيد بيان للقائلين بهذا القول.
(٧) ممن ساق القول الرابع في مسألة: (تقليد الميت): صفيُّ الدين الهندي في: نهاية الوصول (٨/ ٣٨٨٤)، وتاجُ الدين السبكي في: جمع الجوامع (٢/ ٣٩٦) مع شرح المحلي وحاشية البناني، ولدرُ الدين الزركشي في: تشنيف المسامع (٤/ ٦١٠)، وولي الدين العراقي في: الغيث الهامع (٣/ ٧٩٨). =

<<  <  ج: ص:  >  >>