للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أَسْهَبَ الأصوليون في الحديث عن مسألةِ: (حجية قولِ الصحابي)، وحديثي هنا عن مسألةِ: (التمذهب بمذهب الصحابي والتابعي)، وبين المسألتين فرقٌ؛ فإِن مَنْ يَعُدُّ قول الصحابي حجةً لا يعتبرُ أخذَ قولِه تقليدًا ولا تمذهبًا، بلْ هو أخذٌ بالدليلِ والحجةِ، أمَّا عند القائل: إِنَّ قولَ الصحابي ليس بحجةٍ، فإِنَّ مسألةَ: (التمذهب بمذهبِ الصحابي) تَرِد عنده.

• صورة المسألة:

هلْ لأحدٍ أنْ يتمذهبَ بمذهب واحدٍ مِن الصحابةِ أو مِن التابعين، بحيثُ يلتزمُ مذهبَه في جميعِ أحوالِه، أو أكثرِها؟

• تحرير محل النزاع:

يمكنُ تحريرُ محلِّ النزاعِ في المسألةِ في ضوء الآتي:

أولًا: اتفقَ العلماءُ على عدمِ وجوبِ التمذهبِ بمذهبِ الصحابي والتابعي.

هذا ما ظَهَرَ لي أَثْنَاءَ بحثِ المسألةِ، ويؤكدُه أمرانِ:

الأمر الأول: عدمُ وقوفي على قولٍ يُوجبُ التمذهبَ بمذهبِ الصحابي، والتابعي.

الأمر الثاني: ليس في سياقِ المسألةِ وأدلتِها ما يدلُّ على الوجوبِ، وإِنَّما الحديثُ هنا عن امتناعِ التمذهبِ بمذهبِ الصحابي والتابعي، أو تجويزِه (١).

ثانيًا: محل الخلافِ في الصحابي والتابعي البالغِ رتبة الاجتهادِ، أمَّا مَنْ لم يبلغْ هذه الرتبة منهم، فلا خلافَ حينئذٍ في عدم جوازِ أخذِ أقوالِه، إِنْ كان له أقوالٌ (٢).


(١) انظر: الفصول في الأصول للجصاص (٣/ ٣٦٤)، والتقرير والتحبير (٣/ ٣٥٤)، وتيسير التحرير (٤/ ٢٥٦).
(٢) انظر: منع الموانع لابن السبكي (ص/ ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>