للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الأول: أنَّ الحديثَ ضعيفٌ، فلا يقوى على إِثباتِ ما ادَّعيتموه (١).

الوجه الثاني: على فرضِ التسليمِ بقبولِ الحديثِ، فإِنَّ المرادَ بالاقتداءِ بالصحابةِ في الحديثِ؛ إِمَّا الاقتداءُ بهم فيما نقلوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشهدوا به عليه، فكلهم ثقةٌ مؤتمنٌ على ما جاءَ به (٢)؛ وإِمَّا أنْ يكونَ المرادُ بالاقتداءِ بهم الجريَ على طريقتِهم في طلبِ الصوابِ في الأحكامِ، وقد كانتْ طريقتُهم العملَ بالاجتهادِ، ويؤكّد هذا: أنَّ الحديثَ شبَّه الصحابةَ - رضي الله عنهم - بالنجومِ، وإِنَّما يُهْتَدى بالنجمِ مِنْ حيثُ الاستدلالُ به على الطريقِ بما يدلّ عليه، لا أنَّ النجمَ نفسَه يُوجبُ ذلك (٣).

الدليل الثاني: عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (خيرُ الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ... ) (٤).

وجه الدلالة من الحديث: أنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أثبتَ الخيّريةَ لقرنِه - وهم الصحابة - ثم للذين يلونهم - وهم التابعون - وإذا كانوا هم خير الأُمّةِ، جازَ التمذهبُ بمذاهبِهم؛ لثبوتِ الخيريةِ لهم (٥).

مناقشة الدليل الثاني: إِنَّ المرادَ بالخيريةِ في الحديثِ هي الخيريةُ


(١) انظر: جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (٢/ ٨٩٨)، وإعلام الموقعين (٣/ ٥٤٣).
(٢) انظر: جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (٢/ ٩٢٣).
(٣) انظر: أصول السرخسي (٢/ ١٠٧)، وإعلام الموقعين (٣/ ٥٥٤).
(٤) أخرج الحديثَ: مسلمٌ في: صحيحه، كتاب: فضائل الصحابة - رضي الله عنهم -، باب: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (٢/ ١١٧٨)، برقم (٢٥٣٣).
وأخرج الحديث بلفظ: (خيركم قرني ... ) من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه -: البخاري في: صحيحه، كتاب: الشهادات، باب: لا يشهد شهادة جور إِذا أُشْهد (ص/ ٥٠٢)، برقم (٢٦٥١)؛ ومسلم في: صحيحه، كتاب: فضائل الصحابة - رضي الله عنهم -، باب: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (٢/ ١١٧٨)، برقم (٢٥٣٥).
(٥) انظر: المنخول (ص/ ٤٧٤)، والصحابي وموقف العلماء من الاحتجاج بقوله للدكتور عبد الرَّحمن الدرويش (ص/ ١٠٩ - ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>