للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحتِه، مَنَعَ التمذهبَ بمذاهبِهم، وهذا ما سار عليه أصحابُ القولِ الأولِ.

ومَنْ قالَ: إِنَّها محرَّرةٌ سوَّغ التمذهبَ بمذاهبِهم، وهذا ما سارَ عليه أصحابُ القولِ الثاني.

السبب الرابع: هل يتحققُ لأحدٍ مِن الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين مذهبٌ مكتملٌ مدوَّنٌ مشتملٌ على الأصولِ والفروعِ، والقواعد والضوابطِ؟ (١).

فمَنْ رأى أنَّه لا يتحققُ لأحدِ مِن الصحابةِ والتابعين مذهبٌ مكتملٌ مِنْ جهة الأصولِ والفروعِ، مَنَعَ التمذهبَ بمذاهبِهم، وهذا ما سارَ عليه أصحابُ القولِ الأول.

ومَنْ رأى أنَّه قد يتحققُ لأحدِ مِن الصحابة والتابعين مذهبٌ مكتملٌ مِنْ جهة الأصولِ والفروعِ، سوَّغ التمذهب بمذاهبِهم، وهذا ما سار عليه أصحابُ القولِ الثاني.

بقي أنْ أقول: إِنَّ ابنَ بدران أشارَ إِلى سبب آخر للخلافِ، وهو أنَّ مرد الخلافِ في شأنِ تمذهب غير العامي بمذهبَ الصحابي والتابعي إِلى جوازِ خلوِّ العصرِ عن مجتهدٍ (٢)، ولم يفضلْ في وجهِ كونه سببًا للخلافِ.

ولعل وجه تأثير مسألةِ: (جواز خلو العصر عن مجتهد) في مسألتنا: أنَّ مَنْ قالَ بعدمِ جوازِ خلوّ العصرِ عن مجتهدٍ، لم يجوّز أخذَ أقوالِ الصحابي أو التابعي؛ للاستغناءِ عن أقوالِهما بوجودِ المجتهدِ.

ومَنْ قالَ بجوازِ خلو العصرِ عن مجتهدٍ، جوَّزَ أخذ أقوالِ الصحابي أو التابعي في حال خلوِ العصرِ عن المجتهدِ؛ لأنَّهم أولى مِن أُخذتْ أقوالهم.


(١) انظر: نهاية السول (٤/ ٦٣٠)، وسلم الوصول لمحمد المطيعي (٤/ ٦٣٠).
(٢) انظر: العقود الياقوتية (ص/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>