للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: اتفقَ العلماءُ المجيزون للتمذهبِ على أنَّ المتمذهبَ المتأهلَ إِذا خالفَ مذهبَه وخَرَجَ عنه؛ لرجحانِ غيرِه مِن المذاهبِ، فقد أحسن.

يقولُ تقيُّ الدينِ بنُ تيمية: "إِذا كانَ الرجلُ متبعًا لأبي حنيفةَ أو مالك أو الشَّافعي أو أحمد، ورأى في بعضِ المسائلِ أنَّ مذهبَ غيرِه أقوى، فاتَّبعه، كانَ قد أحسن في ذلك، ولم يقدحْ ذلك في دينِه ولا عدالتِه، بلا نزاعٍ" (١).

ولم تزل المذاهب الفقهية حافلةً بالعلماءِ المحققين الذين يرجِّحون ما خالفَ مذهبَهم؛ لموافقةِ الدليلِ.

الثالثة؛ أنَّ التمذهب يشملُ الفقهَ وأصولَه - كما تقدّمَ تقريرُه - ومع هذا، فإِنَ جُل كلامِ العلماء في مسألةِ: (التمذهب بالمذاهب الفقهية الأربعة) منصبٌّ على الفقهِ، دونَ أصولِه.

ولعلَّ السبب في هذا عائدٌ إِلى أنَّ صورة التمذهبِ الَّتي حذّرَ منها المانعون أكثر ما تُوجدُ في الفروعِ؛ ولأنَّ الفتوى تقع في الفروعِ، لا في الأصولِ، ومِنْ أسبابِ قيامِ الاختلافِ بين المتمذهبين وغيرهم هو ما يصدر عنهم من فتاوي.

ثُمَّ ارتباط الفروعِ بالعملِ يجعلُ أثرَ التمذهب في الفقهِ ظاهرًا، بخلافِ أصولِ الفقهِ.

الرابعة: محلُّ الكلامِ هنا عن تمذهبِ غيرِ المجتهدِ، أمَّا تمذهبُ


= للمسلمين من الضلال والخيال لا يكون إِلَّا باقتلاع جميعِ المذاهب! والأحزاب، والاعتصام بالكتاب والسنة"، وقوله أيضًا في (ص/ ٢٤٠): "ولا يحسبن قليل العلم قاصر الفهم أن مصيبة المذاصب قاصرة على تلك المذاهب الأربعة": قولٌ مردودٌ لا يسمع.
وانظر: التجديد في الفقه الإِسلامي للدكتور محمد الدسوقي (ص/ ١٧١).
(١) مجموع فتاوى شيخ الإِسلام (٢٢/ ٢٤٨). وانظر: الفروع لابن مفلح (١١/ ٣٤٦)، والإِنصاف (١١/ ١٩٥)، وتحفة الأنام للسندي (ص/ ٤٦)، وهداية السلطان إِلى مسلمي بلاد اليابان للمعصومي (ص/ ٧٣)، واللامذهبية للدكتور محمد البوطي (ص/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>