للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يعني الالتزامُ عدمَ الخروجِ عن المذهبِ متى ما رأى المتمذهبُ مخالفةَ مذهبِه للدليلِ (١).

وقد ذَكَرَ الشَّيخ حمدُ بن معمر صورة أخرى للتمذهبِ، فقالَ: "أمَّا لزومُ التمذهبِ بمذهبٍ بعينِه، بحيثُ لا يخرجُ عنه، وإِن خالفَ نصَّ الكتابِ والسنةِ، فهذا مذمومٌ غيرُ ممدوحٍ" (٢).

ويدلُّ ظاهرُ السياقِ على أنَّ التمذهبَ يشملُ لزومَ المذهبِ دونَ الخروجِ عنه، ولزومَ المذهبِ والخروج عنه، إِنْ خالفَ الدليلَ.

التعريف الثالث: تلقّي الأحكام مِنْ إِمامٍ معيَّنٍ، واعتبار أقوالِه كأنَّها مِن الشارعِ نصوصٌ يلزم المقلِّد اتّباعها.

وهذا تعريف الشَّيخ محمد الخضري (٣)، وساقه على أنَّه تعريفٌ للتقليدِ الواقعِ في القرنِ الخامسِ إِلى سقوطِ الدولةِ العبَّاسيةِ، وما ذكره يصدق على حقيقة التمذهبِ.

ويظهرُ لي أنَّ ما ذكره الشيخُ الخضري وصفٌ للأمرِ الواقعِ في تلك الحقبةِ الزمنيةِ، لا أنَّه تعريفٌ للتمذهبِ على وجهِ الاستقلالِ.


= في الرد على من لم يحكم بالسنة والكتاب، ورسالة في الاجتهاد والقليد، توفي بمكة سنة ١٢٢٥ هـ. انظر ترجمته في: الدرر السنية لابن قاسم (١٦/ ٣٨٢)، وتراجم لمتأخري الحنابلة لابن حمدان (ص / ١٤)، والأعلام للزركلي (١/ ٢٦٣)، وروضة الناظرين للقاضي (١/ ٨٣)، وعلماء نجد لابن بسام (١/ ١٢١)، ومشاهير علماء نجد لآل الشَّيخ (ص/٢٠٢).
(١) انظر: الدرر السنية (٤/ ٥٩).
(٢) المصدر السابق (٤/ ٦٠).
(٣) انظر: تاريخ التشريع الإِسلامي (ص/ ٣٢٣). ومحمد الخضري هو: محمد بن عفيفي الباجوري المصري، المعروف بالشيخ الخضري، ولد سنة ١٢٨٩ هـ أحد علماء المذهب الشافعي، فقيه أصولي مؤرخ، تخرج في مدرسة دار العلوم، وعُين قاضيًا شرعيًا بالخرطوم، ثم مدرسًا في مدرسة القضاء الشرعي بالقاهرة، ثم أستاذًا للتاريخ الإِسلامي في الجامعة المصرية، فوكيلًا لمدرسة القضاء الشرعي، فمفتشًا بوزارة المعارف، من مؤلفاته: أصول الفقه، وتاريخ التشريع الإِسلامي، ومحاضرات في تاريخ الأمم، ومهذب كتاب الأغاني، توفي بالقاهرة سنة ١٣٤٥ هـ. انظر ترجمته في: الأعلام الشرقية لزكي مجاهد (٣/ ٩٣٢)، والأعلام للزركلي (٦/ ٢٦٩)، ومعجم المؤلفين لكحالة (٣/ ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>