للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهبِه، فهذا الفعلُ مذمومٌ؛ لأنَّه تعصبٌ (١).

يقولُ تقيُّ الدين بنُ تيمية: "الأسماءُ الَّتي قد يسوغُ التسمي بها، مثل: انتسابِ الناس إِلى إِمامٍ، كالحنفي والمالبهي والحنبلي ... لا يجوز لأحدٍ أنْ يمتحنَ الناسَ بها، ولَا يوالي بهذه الأسماءِ، ولا يعادي عليها" (٢).

خامسًا: محلُّ الخلاف في التمذهبِ بالمذاهبِ الفقهيةِ الأربعة في صورٍ ثلاث:

الصورة الأولى: التزامُ المتمذهبِ بمذهبِ إِمامِه، واكتفاؤه به، بحيثُ لا يخرج عنه، أو التزامُه بمذهبِه، مع عدمِ معرفتِه بدليلِه.

الصورة الثانية: إِعراضُ المتمذهبِ المتأهلِ عن النظرِ في الأدلةِ.

الصورة الثالثة: التزامُ المتمذهبِ بالمذهبِ مع مخالفتِه للدليلِ.

وسيكون الحديثُ هنا عن الصورةِ الأولى فقط؛ لأنَّها ألصقُ ما تكون بحقيقةِ التمذهبِ، أمَّا الصورة الثالثة، فسيأتي الحديثُ عنها في مسألةِ مستقلةٍ، وأمَّا الصورةُ الثانيةُ، فهي أثرٌ مِنْ آثارِ التمذهب، هذا مِنْ جهةٍ، ومِنْ جهةٍ أخرى: فسيأتي الحديثُ عنها في مسألةٍ مستقلةٍ.

سادسًا: هناك كلامٌ لبعضِ العلماءِ الذين اشتُهِرَ عنهم محاربة التقليدِ المذهبي - كابنِ حزمٍ، وابنِ عبدِ البر، وابنِ تيمية، وابنِ القيِّم - يُحَدّد في ضوئِه محل الخلافِ والنزاعِ، وسأسوقُ عددًا مِن النقولِ عن العالمِ الواحدِ؛ ليكونَ الناظرُ في المسألةِ على بصيرةٍ بالصورة الَّتي هي محلُّ الخلافِ، ولنفهمَ كلام هؤلاءِ العلماءِ على وجهِ الخصوصِ على الوجهِ الصحيحِ.

١ - : ما جاء عن أبي محمد بن حزم:

أولًا: حدَّد ابنُ حزمٍ التقليدَ الَّذي حاربه في عددٍ مِن المواضعِ في


(١) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإِسلام (١١/ ٥١٢).
(٢) المصدر السابق (٣/ ٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>