للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي نصيحةِ تقي الدّينِ بنِ تيميةَ المتقدمةِ لمنْ أرادَ تركَ مذهبِه ما يشهدُ لما ذكرتُه آنفًا.

الرابعة عشرة: أن أخذَ قولِ العالمِ موجودٌ في زمنِ الصحابة - رضي الله عنهم -، يدلُّ عليه: قول طاووس: (إنِّي رأيتُ سبعين مِن أصحابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تدارؤوا في شيءٍ صاروا إلى قولِ ابنِ عباس) (١).

وفي أثرِ ابن عباس المتقدم، قول عروة له - وكان ابنُ عباس قد خالفَ أبا بكرٍ وعمر لثبوتِ سنةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - عنده -: (هما كانا أتبعَ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأعلمَ منك).

الخامسة عشرة: لا يتعارضُ ما قررتُه في حكمِ التمذهبِ في ضوءِ التفصيلِ السابقِ مع دعوةِ أهلِ العلمِ إلى الرجوعِ إلى المصدرين الرئيسين: الكتاب والسنةِ؛ لأنَّ التمذهبَ لا يتعارضُ مع معرفةِ الأدلةِ، وتركِ مذهب الإمامِ متى ما ظَهَرَ للمتمذهبِ رجحانُ غيرِه.

يقولُ الشيخُ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: "نحنُ في الفروعِ على مذهبِ الإمامِ أحمدَ بن حنبل، ولا ننكرُ على مَنْ قلَّدَ أحدَ الأئمةِ الأربعةِ ... إلا أنَّنا في بعض المسائل، إذا صحَّ لنا نصٌّ جليٌّ مِنْ كتابٍ أو سنةٍ غيرُ منسوخٍ ولا مخصص ولا معارض بأقوى منه، وقالَ به أحدُ الأئمةِ الأربعةِ: أخذْنا به، وتركنا المذهبَ" (٢).

السادسة عشرة: أن إيجابَ اتباع عالم بعينه، والدعوةَ إليه، وتحريمَ الخروجِ عن أقوالِه مِن التعصبِ المذهبي المذموم (٣).

السابعة عشرة: أنَّ مَنْ تمذهبَ بمذهبٍ واحدٍ، واقتصرَ عليه، فإنَّه


(١) أخرج ابنُ سعد الأثرَ في: الطبقات الكبرى (٢/ ٣٦٧) بسند لا بأس به. وذكر قولَ طاووس: ابنُ الأثير في: أسد الغابة (٣/ ٢٩٣)، وابنُ حجر في: الإصابة (٤/ ١٤٨).
(٢) نقل كلامَ الشيخ عبد الله بن محمد: ابنُ قاسم في: الدرر السنية (١/ ٢٢٧).
(٣) انظر: الاتباع لابن أبي العز (ص/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>