للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفوّتُ على نفِسه الاطلاعَ والإفادةَ من جهودِ العلماءِ المحققين مِن المذاهبِ الأخرى (١).

• سبب الخلاف:

يظهرُ أن للخلافِ في المسألةِ عدة أسباب، وهي:

السبب الأول: حكمُ تقليدِ المجتهدِ الميت.

ولم أرَ لهذا السببِ أثرًا في أدلةِ المسألةِ، فلم يتكئْ عليه المانعون للتمذهبِ - في ضوءِ ما وقفتُ عليه من مصادر - إلا أن مَنْ تكلّم عن أثرِ الخلافِ في مسألةِ: (تقليد الميت) ذَكَرَ مسألة: التمذهب مِنْ جملةِ آثارِ الخلافِ، وقد تقدّم بيان ذلك في مسألةِ: (تقليد الميت) (٢).

السبب الثاني: أيلحقُ المتمذهبُ بالمجتهدين، أم بالعوامِّ؟

مَنْ رأى إلحاقَ المتمذهبِ بالمجتهدين مَنَعَه مِن التمذهبِ - التقليد المذهبي - وهذا ما سارَ عليه أصحابُ القولِ الرابعِ.

ومَنْ رأى إلحاقَ المتمذهبِ بالعوامِّ جوّزَ له - أو أوجب عليه - التمذهبَ، وهذا ما سار عليه أصحابُ القولِ الأولِ، والقولِ الثاني (٣).

يقولُ أبو إسحاقَ الشاطبي: "الثالث: - أي: من أحوال المكلفين - أنْ يكونَ غيرَ بالغٍ مبلغ المجتهديىن، لكنَّه يفهمُ الدليلَ وموقعَه، ويصلحُ فهمُه للترجيحِ بالمرجحاتِ المعتبرةِ في تحقيقِ المناطِ ونحوِه، فلا يخلو أنْ يُعْتَبر ترجيحُه ونظرُه، أو لا؟

فإن اعتبرناه، صارَ مثلَ المجتهدِ ... والمجتهدُ إنَّما هو تابع للعلمِ الحاكمِ، ناظرٌ نحوه، متوجّهٌ شطره، فالذي يُشْبِهه كذلك.

وإنْ لم نعتبرْه، فلا بُدَّ مِنْ رجوعِه إلى درجةِ العامي، والعاميُّ إنَّما


(١) انظر: بدعة التعصب المذهبي لعباسي (ص / ١٥٧).
(٢) انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (١٢/ ٤٢٢)، وبلوغ السول لمحمد مخلوف (ص/ ٢٠).
(٣) انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (١٢/ ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>