للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمدَ وإسحاقَ" (١).

وإنْ كان يعتري هذا الاستقراء ما يعتري أيّ استقراءٍ ناقصٍ، إلا أنَّه يُعطي معلومةً مهمةً.

سابعًا: لم يأتِ مَنْ يقومُ على خدمةِ المذاهبِ المندثرةِ بتحريرِ أقوالِها، وتمييزِ ما ثَبَتَ عنِ إمامها، وما لم يثبتْ عنه، وما قاله ورَجَعَ عنه، ولم تجمع المسائل المنقولة عنه في أبواب، ولم تنقحْ ولم تهذبْ (٢).

وقد تقدمَ كلامُ شمسِ الدين الذهبي قبلَ قليلٍ.

ويقولُ ابنُ الصلاحِ: "ليس له التمذهبُ بمذهبِ أحدٍ مِنْ أئمةِ الصحابةِ، وغيرِهم مِن الأولين، وإنْ كانوا أعلم وأعلى درجة ممَّنْ بعدهم؛ لأنَّهم لم يتفرغوا لتدوينِ العلمِ، وضبطِ أصولِه وفروعِه، وليس لأحدٍ منهم مذهبٌ مهذبٌ محرّرٌ مقرّرٌ" (٣).

وما علّل به إمامُ الحرمين الجويني حينَ مَنَعَ التمذهبَ بمذهبِ الصحابي صادقٌ على المذاهبِ المندثرةِ (٤).

ويدلُّ التعليلُ بعدمِ تحريرِ وتهذيبِ المذاهبِ المندثرة على أن منعَ التمذهبِ بها؛ لأمرٍ عرضي، وليس لأمرٍ ذاتي (٥).


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٤/ ١٧٧ - ١٧٨).
(٢) انظر: عمدة التحقيق للباني (ص/ ٨٥).
(٣) أدب المفتي والمستفتي (ص / ١٦٢ - ١٦٣). وانظر الحديث عن عدم تحرير المذاهب المندثرة في: المجموع شرح المهذب للنووي (١/ ٥٥)، وصفة الفتوى (ص/ ٧٢ - ٧٣)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (٢٠/ ٥٨٤)، والتمهيد في تخريج الفروع على الأصول للإسنوي (ص/ ٥٢٧)، والرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة لابن رجب (ص/ ٣٤)، ونهاية المراد لعبد الغني النابلسي (ص/ ١٥)، وشرح عماد الرضا ببيان آداب القضا للمناوي (١/ ٢٩٣)، ونشر البنود (٢/ ٣٥٢)، ومراقي السعود إلى مراقي السعود (ص/ ٤٦٣)، ومختصر الفوائد المكية للسقاف (ص/ ٣٨)، ونثر الورود للشنقيطي (٢/ ٦٨٧).
(٤) انظر: البرهان (٢/ ٧٤٤)، والغياثي للجويني (ص/ ٤١٠ - ٤١١)، والمنخول (ص/ ٤٩٥).
(٥) انظر: عمدة التحقيق للباني (ص/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>