للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقولُ أبو محمدٍ القرشي الحنفي (ت: ٧٧٥ هـ) (١) عن داودَ الظاهري: "له أصحابٌ ينتحلونَ مذهبَه خَلَفًا عن سلفٍ إلى يومِنا هذا" (٢).

ويقولُ ابنُ خَلدون (ت: ٨٠٨ هـ): "دَرَسَ مذهبُ أهلِ الظاهرِ اليومَ بدروسِ أئمتِه وإنكارِ الجمهورِ على منتحلِه، ولم يبقَ إلا في الكتبِ المجلّدةِ، ورُبَّما يعكفُ كثيرٌ مِن الطالبين - ممَّنْ تكلّفُ بانتحالِ مذهبِهم - على تلك الكتب، يَرُومُ أخذَ فِقْهِهم منها ومذهبهم، فلا يحلو بطائلٍ! ويصيرُ إلى مخالفةِ الجَمهورِ، وإنكارِهم عليه" (٣).

وقد أثنى شمسُ الدّينِ الذهبي على مذهب داود الظاهري، فقالَ: "لا بأسَ بمذهب داود، وفيه أقوالٌ حسنةٌ، ومتابعةٌ للنصوصِ، مع أن جماعةً مِن العلماءِ لَا يعْتَدّون بخلافِه" (٤).


(١) هو: عبد القادر بن محمد بن محمد بن نصر الله بن سالم بن أبي الوفاء، أبو محمد محيي الدين القرشي، ولد سنة ٦٩٦ هـ سمع وهو كبير، كان عالما حنفيًا فاضلًا جامعًا للعلوم، لازم الاشتغال بالفقه، فبرع فيه، تولى التدريس والإفتاء، من مؤلفاته: العناية في تخريج أحاديث الهداية، وشرح معاني الآثار، والجواهر المضية في طبقات الحنفية، والبستان في فضائل النعمان، وترتيب تهذيب الأسماء واللغات للنووي، توفي سنة ٧٧٥ هـ. انظر ترجمته في: إنباء الغمر لابن حجر (١/ ٨٦)، والدرر الكامنة له (٢/ ٣٩٢)، وتاج التراجم لقطلوبغا (ص/ ١٩٦)، والطبقات السنية للغزي (٤/ ٣٦٦)، وشذرات الذهب لابن العماد (٨/ ٤٠٩)، والفوائد البهية للكنوي (ص/ ١٢٨).
(٢) الجواهر المضية (٤/ ٥٤٧).
(٣) مقدمة ابن خلدون (٣/ ١٠٤٧ - ١٠٤٨).
(٤) سير أعلام النبلاء (٨/ ٩٢).
ونقل ابن حجر في: الدرر الكامنة (٤/ ٣٠٤) عن أبي حيان الأندلسي قوله: "محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه".
وقد علق الشوكاني (ت: ١٢٥٠ هـ) على كلام أبي حيان في: البدر الطالع (ص/ ٨٠٨)، فقال: "ولقد صدق في مقاله؛ فمذهب الظاهر أول الفكر آخر العمل عند من مُنح الإنصاف، ولم يرد على فطرته ما يغيرها عن أصلها، وليس هو مذهب داود الظاهري وأتباعه فقط، بل هو مذهب أكابر العلماء المتقيدين بنصوص الشرع من عصر الصحابة إلى الآن، وداود واحد منهم، وإنما اشتهر عنه الجمود في مسائل وقف فيها على الظاهر، حيث لا ينبغي الوقوف، وأهمل من أنواع القياس ما لا ينبغي لمنصفٍ إهماله. وبالجملة فمذهب الظاهر هو العمل بظاهر الكتاب والسنة بجميع الدلالات، وطرح التعويل على محض الرأي الذي لا يرجع =

<<  <  ج: ص:  >  >>