للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع كلِّ ما سَبَقَ، فإنّي لم أجعل المذهبَ الظاهري ضَمنَ القسمِ الأول؛ وذلك للأسبابِ الآتية:

السبب الأول: انفرادُ المذهبِ الظاهري بتدوينِ فروعِه، وتدوينِ أصولِه على وجه الخصوصِ في وقتِ مبكرٍ، الأمر الذي ميّزَ المذهبَ الظاهري عن سائرِ المذاهب المندثرةِ بأصولِه وفروعِه المدونةِ.

وقد كان هذا التدوين على يدِ الإمامِ ابنِ حزمٍ، إذ ألَّفَ عددًا مِن الكتب الأصوليةِ (١): كـ (الإحكامِ في أصولِ الأحكامِ)، و (النبذِ في أصولِ فقهِ الظاهرية)، و (الصاح في الردِّ على مَنْ قال بالقياسِ) (٢)، وكذلك ألَّفَ في فروعِ الظاهريةِ، كـ (المحلى)، وقد كان تطبيقُ أصولِ المذهبِ على فروعِه ظاهرًا (٣).

ولا يخفى ما لتدوينِ أصولِ المذهبِ وفروعِه مِنْ أثرٍ في بقاءِ أقوالِه على مرِّ العصورِ (٤).

السبب الثاني: انفرادُ المذهبِ الظاهري عن سائرِ المذاهبِ بآراء


= إليهما بوجه من الوجوه، وأنت إذا أمعنت النظر في مقالات أكابر المجتهدين المشتغلين بالأدلة، وجدتها من مذهب الظاهر بعينه، بل إذا رزقت الإنصاف وعرفت العلوم الاجتهادية كما ينبغي، ونظرت في علوم الكتاب والسنة حق النظر: كنت ظاهريًا! أي: عاملًا بظاهر الشرع منسوبًا إليه لا إلى داود الظاهري، فإن نسبتك ونسبته إلى الظاهر متفقة، وهذه النسبة هي مساوية للنسبة إلى الإيمان والإسلام وإلى خاتم الرسل عليه أفضل الصلوات والتسليم ... ". وأنبه إلى أمرين: أولهما: في النص السابق أخطاء وزيادات فيه أصلحتها من فروقات النسخ الواردة في طبعة دار ابن كثير.
ثانيهما: فيما قاله الشوكاني في كلامه السابق ما يحتاج إلى دراسة مستقلة عن المذهب الظاهري، لينظر فيما ادعاه أيطابق واقع أكابر العلماء من عهد الصحابة إلى وقته؛ وإن كان يغلب على ظني بُعدما قاله.
(١) انظر: تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (ص/ ٥٧٨).
(٢) وكلها مطبوعة.
(٣) انظر: المدخل لدراسة الفقه لمحمد محجوبي (ص/ ٢١٤)
(٤) انظر: المدخل للفقه الإسلامي للدكتور محمد مدكور (ص/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>