للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصوليةٍ، كقولِهم: بالأخذِ بظواهرِ النصوصِ، وعدمِ مشروعيةِ القياسِ (١).

السبب الثالث: وجود أفرادٍ قليلين في العصر الحديثِ ينتحلون المذهبَ الظاهري (٢).

ويمكن بيان حكم التهذهب بالمذهب الظاهري في ضوء الآتي:

أولًا: للتمذهبِ بالمذهبِ الظاهري صورتانِ:

الصورة الأولى: التزامُ أقوالِ الظاهريةِ: الأصولية والفروعية، وعدمُ الخروجِ عنها في الجملةِ، وقد يصحبُ الالتزامَ معرفة الدليلِ في بعضِ المسائلِ.

وهذه الصورة مِن الالتزامِ لا تُقرّها أصولُ المذهبِ الظاهري، ولا يجوّزها أئمتُه، ويكون الملتزمُ بالمذهبِ الظاهري في هذه الحالةِ مرتكبًا لما نهاه عنه أئمةُ مذهبِه، ومناقضًا لأصلٍ مِنْ أصولِه، وهو منعُ التزامِ أقوال مذهبٍ بعينِه.

يقولُ ابنُ حزمٍ: "أمَّا أصحابُ الظاهر، فهم أبعدُ الناسِ مِن التقليدِ، فمَنْ قلّدَ أحدًا ممنْ يدّعي أنَّه منهم، فليسَ منهم! ولم يُعْصمْ أحدٌ مِن الخطأِ" (٣).


(١) انظر: المدرسة الظاهرية للدكتور أحمد بكير (ص/ ٢٢ وما بعدها).
(٢) انظر: تاريخ التشريع للدكتور عبد الله الطريقي (ص/ ٢٨٥). ومن الظاهرية المعاصرين: أبو تراب الظاهري، وأبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، ومحمد شويل، ومحمد المنتصر الكتاني، وسعيد الأفغاني. انظر: ابن حزم خلال ألف عام لابن عقيل الظاهري (١/ ١٥٣)، وتحرير بعض المسائل على مذهب الأصحاب له (ص/ ١٠٤)، والمدرسة الظاهرية للدكتور توفيق الإدريسي (ص/ ٩١٣ وما بعدها).
(٣) الإحكام في أصول الأحكام (٢/ ١٢٠). ويقول أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري في كتابه: ظاهري بالفطرة (ص/ ٩) حاشية (٢): "الانتساب إلى الظاهرية - أو أهل الظاهر - تقليد؛ لأنه انتساب إلى إمام بعينه ... والانتساب إلى الظاهر العقلي واللغوي المأخوذ من خطاب الشرع انتساب إلى أصول معيارية يُقِرُّها العقل الإنساني المشترك، فيوزن بها كل مذهب". وانظر: تاريخ التشريع الإسلامي لمحمد الخضري (ص/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>