للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَ ظاهرُ حالِ من يلتزمُ المذهبَ الظاهري، أنَّه ظاهري؛ إلا أن أصولَ المذهبِ تردُّ نسبته إليهم.

الصورة الثانية: التزامُ أصولِ المذهب الظاهري - وأهمّها القولُ بالظاهرِ، وعدم تعليلِ نصوصِ الكتاب والسنةِ، ونفي القياسِ - مَعَ القناعةِ برجحانها عن حُجَّةٍ وبرهانٍ، ثمّ تطبيقَ هذه الأصول على الفروعِ الفقهيةِ، سواءٌ أوافقَ علماء المذهبِ الظاهري، أم خالفَهم.

وهذه الصورة هي التي يُسمّى صاحبُها ظاهريًا، وما سأذكرُه في النقاطِ الآتيةِ منصبٌ على الصورةِ الثانيةِ.

ثانيًا: إنْ كانَ سببُ الأخذِ بالمذهب الظاهري هو النظرُ والاجتهادُ والقناعةُ به، فلا ملامةَ في هذه الحالِ؛ لأنَّ الواجبَ أنْ يتبعَ العالمُ ما ترجّحَ عنده.

ثالثًا: جاءَ عن بعضِ الظاهريةِ أقوالٌ شنيعة في بعضِ المسائلِ الفقهيةِ نفرَّت العلماءَ عن مذهبِهم (١)، بلْ نقل القاضي عياضٌ عن بعضِ العلماءِ أن مذهبَ داود بدعةٌ ظَهَرَتْ بعدَ المائتين! (٢).

وأيًّا كان الدافعُ لهذا القولِ، إلا أنَّ فيه محاربةً قويةً للمذهبِ الظاهري.

وقد نَقَلَ ابنُ حجر (٣)


(١) انظر: العواصم من القواصم لابن العربي (ص/ ٢٥٧ وما بعدها)، وتاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة (ص/ ٥٣٠، ٥٣٢).
(٢) انظر: المعيار المعرب للونشريسي (٢/ ٤٩١). وقد يكون سبب وصف داوود الظاهري بالبدعة ما جاء عنه مِنْ قولِه: "إن لفظي بالقرآن مخلوق". انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٣/ ٤١٠)، وميزان الاعتدال للذهبي (٢/ ١٤)، وسير أعلام النبلاء (١٣/ ١٠٠)، ولسان الميزان لابن حجر (٣/ ٤٠٦).
(٣) هو: أحمد بن علي بن محمد بن حجر الكناني العسقلاني، أبو الفضل شهاب الدين، المعروف بابن حجر، ولد بمصر سنة ٧٧٣ هـ كان علامةً إمامًا في علم الحديث، وأحد كبار =

<<  <  ج: ص:  >  >>