للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثاني: مذاهب واقعة في بدعة مفسقة غير مكفرة.

أصحابُ هذا القسمِ متفاوتون، وهم على مراتب عدة، وذلك بالنظرِ إلى درجةِ البدعِ التي يعتقدونها، ويمكنُ جعل أربابِ هذا القسم على نوعين:

النوع الأول: مذاهب تدعو إلى البقاءِ على أقوالِها، وتحرّمُ الأخذَ بمذاهبِ أهلِ السنةِ، بل تكفرهم! وتعطي أئمتها حقَّ التحليلِ والتحريمِ، وتصفُهم بالعصمةِ (١).

هذا النوعُ من المذاهب يحرمُ التمذهبُ به؛ لأنَّه مذهبٌ صادٌّ عن الحقِّ، موغلٌ في الباطلِ، وعلَى المتمذهبِ به ترك مذهبه جملةً وتفصيلًا.

النوع الثاني: مذاهبُ لا تدعو إلى البقاءِ على أقوالِها، ولا تحرِّمُ الأخذَ بمذاهبِ أهلِ السنةِ.

وما سيأتي مِن كلام في بيانِ حكمِ التمذهبِ منصبٌّ على النوع الثاني.

رابعًا: إذا كانَ الشخصُ ناشئًا في بيئةٍ يغلبُ عليها مذهبٌ مِن المذاهبِ المنحرفةِ، وكان مِن أصولِها الدعوةُ إلى الاجتهادِ، ونبذُ الجمودِ المذهبي (٢) - وبدعةُ المذهبِ في مجال الاعتقادِ ليستْ بالشديدةِ -: فإن كانَ بمقدور المتمذهب معرفةُ الراجحِ بالنظرِ في الأقوالِ وأدلتِها، فله في هذه الحالةِ البقاءُ على انتسابِه إلى مذهبِه الفقهي، إنْ رأى مصلحةً في هذا - ولا بُدَّ مِن تركِ مذهبِه العقدي، وما يُبنى عليه - لكنَّه يتبعُ الراجحَ والصوابَ في الفقه والأصول، ويسعى في الردِّ على ما في مذهبِه مِن أقوال مرجوحةٍ (٣).


(١) انظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية (١/ ٥٧)، و (٦/ ٤٣٠)، ومسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة للدكتور ناصر القفاري (١/ ٢٥٤)، وأصول مذهب الشيعة له (٢/ ٥٨٧، ٩٠٥)، والفكر التكفيري عند الشيعة لعبد الملك الشافعي (ص/ ١٩ - ٤٥).
(٢) انظر: الزيدية لإسماعيل الأكوع (ص/ ٤٥).
(٣) انظر: العلم الشامخ للمقبلي (ص/ ١٢)، واختلاف المفتين للدكتور حاتم العوني (ص/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>