للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ ابنُ الصلاح: "المجتهدُ المستقلُّ: هو الذي يستقلُّ بإدراكِ الأحكام الشرعيةِ مِن الأَدلةِ الشرعيةِ مِنْ غيرِ تقليدٍ وتقيّدٍ بمذهبِ أحدٍ" (١).

ويقولُ أيضًا: "مُنْذُ دهرٍ طويل طُوِي بساطُ المفتي المستقلّ المطلق - والمجتهد المطلق - وأفضى أَمرُ الفتوى إلى الفقهاءِ المنتسبين إلى أئمةِ المذاهبِ المتبوعةِ ... " (٢).

أعودُ إلى القسمِ الثاني، فأقول: جَعَلَ ابنُ الصلاحِ القسمَ الثاني أربعَ طبقات - أو حالات، يصدق عليها أنَّها طبقات المتمذهبين - وهي:

الطبقة الأولى: يُمَثلها مَنْ لم يكنْ مقلِّدًا لإمامِه لا في المذهب، ولا في دليلِه؛ لكونِه جَمَعَ الأوصاف والعلوم المشترطة في المجتهدِ المستَقلِّ (٣).

والمجتهدُ في هذه الطبقة يُنْسَبُ إلى مذهبِ إمامِه؛ لكونِه سَلَكَ طريقَه في الاجتهادِ، ودعا إلى سبيلِه (٤).

ونَقَلَ ابنُ الصلاح عن الأستاذِ أبي إسحاقَ الإسفراييني أنَّه ادَّعى هذه الصفة لأئمةِ الشافعيةِ، وأصحاب مالكٍ وأحمدَ وداود الظاهري، وأكثرِ أصحاب أبي حنيفةَ (٥)، يقول الأستَاذُ أبو إسحاقَ: "الصحيحُ الذي ذَهَبَ إليه المحققون ما ذَهَبَ إليه أصحابُنا، وهو أنَّهم صاروا إلى مذهب الشافعي رحمه الله لا على جهةِ التقليدِ له، ولكنْ لمَّا وجدوا طريقَه في الاجتهادِ والفتاوى أسدَّ الطرقِ وأولاها، ولم يكنْ لهم بُدٌّ مِن الاجتهادِ: سلكوا طريقَه في الاجتهادِ، وطلبوا معرفةَ الأحكامِ بالطريقِ الذي طلبها الشافعيُّ به" (٦).

ولا يصدق التمذهبُ على أهلِ هذه الطبقةِ في ضوءِ ما قرره الأستاذُ


(١) المصدر السابق (ص/ ٨٧).
(٢) المصدر السابق (ص/ ٩١).
(٣) انظر: المصدر السابق (ص/ ٩١).
(٤) انظر: المصدر السابق.
(٥) انظر: المصدر السابق (ص/ ٩٢).
(٦) نقل كلامَ الأستاذ أبي إسحاق ابنُ الصلاح في: المصدر السابق (ص/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>