للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو إسحاقَ؛ لأنَّهم أخذوا أصولَ إمامِهم عن نظرٍ وقناعةٍ، فأخذهم لها من بابِ موافقةِ العالمِ للعالمِ، ويبقى النظرُ في اتصافِهم بالتمذهبِ الاسمي باعتبارِ انتسابِهم إلى إمامِ مذهبِهم.

لكنَّ ابنَ الصلاحِ لم يؤيّدْ ما أطلقه الأستاذُ أبو إسحاقَ، ونازعه فيما قالَ، ورأى أن دعوى انتفاءِ التقليدِ عن أرباب هذه الطبقةِ مطلقًا مِنْ كل وجهٍ لا تستقيم، إلا أنْ يكونوا أحاطوا بشروطَ الاجتهادِ المطلقِ، وهذا لا يلائم المعلوم مِنْ أحوالِهم، أو أحوالِ أكثرِهم (١).

ويمكنُ القولُ: إنَّ أهلَ هذه الطبقة - في ضوءِ ما قرره ابنُ الصلاحِ في تعقّبِه آنف الذكر - متمذهبون في الأصولِ، في الجملةِ - إمَّا في جميع الأصول، وإمَّا في بعضها - دونَ الفروعِ؛ إذ إنَّهم ساروا على طريقةِ إمامِهم في الأصولِ، دونَ تقيّدٍ بأقوالِه في الفروع، ويكون تمذهبُهم في الفروع تمذهبًا بالاسمِ فقط.

فإنْ بَلَغَ العالمُ في هذه الطبقة درجةَ الاجتهادِ في الشريعةِ، وبقي على النسبةِ المذهبيةِ، فهو متمذهبٌ بالانتسابِ.

ثمَّ نبَّه ابنُ الصلاحِ إلى أنَّ مِنْ أهلِ هذه الطبقة مَنْ يتحققُ له الاجتهادُ في بابٍ مِن الفقهِ؛ بناءً على تجزؤ منصبٍ الاجتهادِ (٢).

وهنا سوال، وهو: أَلا يتعارضُ ما قرره ابنُ الصلاح في صدرِ الطبقةِ - مِنْ جمعِهم شروط المجتهدِ المستقلِّ - مع اتصافِهمَ أحيانًا في بعضِ المسائلِ بالاجتهادِ الجزئي؟

وقد سمَّى جلالُ الدين السيوطيُّ العالمَ في هذه الطبقة بالمجتهدِ المطلقِ (٣).


(١) انظر: المصدر السابق (ص/ ٩٣).
(٢) انظر: المصدر السابق (ص/ ٩٤).
(٣) انظر: الرد على من أخلد إلى الأرض (ص/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>